هل تنتج صفحات التواصل شعراء؟

تكثر على صفحات التواصل الاجتماعي الكثير من الكتابات لأشخاص بدأنا نسمع بهم من خلال هذه الوسائل وليس قبلها. فضاء مفتوح لكل من يشاء أن يكتب أو يزيّن اسمه بلقب شاعر أو أديب أو دكتور. يضيع الثمين في العادي ولا رقيب أدبي يقيّم.

 

معاناة قبل النشر

 

الكاتبة ماري القصّيفي، مستشارة تربويّة في مدرسة الحكمة هاي سكول لشؤون قسم اللغة العربيّة.

لها عدة أعمال، منها "لأنّك أحيانًا لا تكون" (2004) و"للجبل عندنا خمسة فصول" (2014).

تقول القصّيفي لموقع "يومياتي": "النشر ما قبل مرحلة شبكات التواصل الاجتماعيّ يختلف قطعاً عمّا بعده. نحن عانينا كثيراً قبل أن نجد صفحة تنشر لنا مقطوعة ولو صغيرة، وأقرّ أنّني حين رأيت أولى نصوصي المنشورة في الصحف شعرت برهبة كبيرة توازي فرحي برؤية نصّي واسمي إلى جانب أسماء كبيرة كان أصحابها مثالي ومثار إعجابي وتقديري".

 

وتتابع: "الأمر اليوم بات أسهل وأسرع وغير خاضع لمزاج ناشر، أو سياسة دار نشر، أو حسابات مكتبة... الكتابة اليوم سهلة والنشر أكثر سهولة. أمّا المستوى فشأن آخر. اليوم ليس ثمّة خوف من ناقد يعطي رأيه أو رقيب يدقّق ويمحصّ قبل أن ينشر. فأسياد مواقع التواصل ليسوا أنسي الحاج أو شوقي أبي شقرا أو سماح ادريس أو بول شاوول، ليقولوا نعم لهذا النصّ ولا لتلك القصيدة".

 

 وتضيف: "في الأمر اليوم إذاً استسهال وتسرّع ورغبة في الكلام. لكن ممّا لا شكّ فيه أيضاً أنّ ثمة أقلاماً وأصواتاً وتجارب ما كانت لتجد لها منفذاً إلى المتلقّي، لولا هذه الشبكات الاجتماعيّة والمدوّنات. وكثير من هذه التجارب يستحقّ فعلاً أن نلتفت إليه ونعطيه حقّه ونساعد على نشر نتاجه".

 

نسخات وهمية

 

الإعلامية والكاتبة رندلى جبور التي وقعت أخيراً على روايتها "إيلا"، تقيّم بداية عالم الفايسبوك لتجد أنه يبتكر من كل انسان نسخة ثانية قد تكون وهمية ولا تتطابق مع الواقع وحقيقته، وتجد في ظاهرة منح الشخص لنفسه لقباً حاجة ذاتية في ظل غياب من يطلق الألقاب أو يحدّد الصفة، فينشئ لنفسه مساحة ترويجية لا تكلّفه شيئاً في وجه وسائل إعلام تقليدية لا تفسح المجال في المقابل لظهور كتاب وأدباء وشعراء يستحقون فعلاً منح المساحة لهم".

 

وتضيف بأن المشكلة تكمن في عدم لعب الروابط الأدبية والثقافية واتحادات الكتاب لدورها المناط بها، بشكل فعال للحد من ظاهرة الاستسهال في الكتابة، التي وصلت إلى نسخ كتابات عن الآخرين ونسبها لأقلام.

 

برأيها، هذا الفضاء المفتوح لا يصنع الكاتب، ولكن يمنح الجميع نوعاً من التجربة التي قد تستمر وتفرض نفسها، وقد تزول فيما بعد، إنما الكاتب الحقيقي هو من يضع أفكاره على الورقة، وبالتالي الكتاب وحده هو من يمنحه الصفة التي قد تترسخ أو تزول، ولكن الكتاب ثابت فيما الفضاء الفايسبوكي متحرّك.

scroll load icon