بين ماغي بو غصن ودانييلا رحمة... نحن مع هذه الشخصية
محتويات
تتنافس الشقراء ذات الملامح الغربية والسمراء العربية، على احتراف دورين للمرأة في دراما تجعلنا نتعاطف حيناً معها، وننتفض عليها حيناً أخر. نموذجان تقدمهما ماغي بو غصن ودانيلا رحمة بدوري سحر و ريم، عن ما ينظر له المجتمع كعنوان لـ "تقلبات امرأة"، فيما يخفي وراءه معاناة مخفية لسنوات.
طرحت الممثلة دانيلا رحمه سؤالاً على تطبيق تويتر، سألت من خلاله الجمهور المتابع لمسلسل "الموت": أنتم من أي فريق، ريم أو سحر؟ ونحن بدورنا نعاود السؤال. ولكن نتمنى الثريّت قبل الإجابة. فلنستعرض الشخصيتين من باب علم النفس والاجتماع، قبل إطلاق الأحكام.
انتو من فريق #ريم او فريق #سحر ؟#للموت @MaguyBouGhosn pic.twitter.com/eonlFXqITO
— Daniella Rahme (@daniellarahme) April 29, 2021
بين ريم وسحر: الواقع النفسي للطفولة المعذبة
ما نعرفه جيداً في علم النفس أنّ الأذى من قبل الوالدين للطفل يحمل آثاراً نفسية ضارّة تستمر حتى مرحلة البلوغ، وما بعدها؛ أبرزها ميول عدوانية شديدة. وتتجسد السلوكيات العدوانية من خلال أنواع مختلفة من الإساءة، مثل الإساءة العاطفية والإيذاء الجسدي والإيذاء النفسي والاعتداء الجنسي والإهمال. وفيما يشهد الأطفال ويختبرون السلوكيات المسيئة لأولياء أمورهم، تؤثر الأخيرة على حياتهم بشكل كبير طوال فترة البلوغ.
أنواع الإساءة للطفل
وتركّز العديد من الدراسات على العلاقة بين النطاق العام لإساءة معاملة الأطفال والعدوانية في مرحلة البلوغ. فيما تشمل إساءة معاملة الأطفال العديد من أشكال الإساءة. ويصنف علماء النفس العنف والإساءة الجسدية والإيذاء العاطفي والاعتداء الجسدي والاعتداء الجنسي، كالأنواع الخمسة الأخطر في مجال سوء معاملة الأطفال. واكتشف العلماء أنّ المعاملة السيئة في الطفولة كانت مرتبطة إحصائيًا بعنف الشريك في مرحلة البلوغ، وهو شكل من أشكال العدوان.
وفي ما يتعلّق بالمسلسل، تعرّضت ريم وسحر لنفس الأذى، وعانتا من اغتصاب، وفقر، وسوء معاملة. وهنا، هما سارا في الشكل الطبيعي عند البلوغ، من تصرفات عدائية، وسلوكيات جارحة، وصلت إلى حدّ إساءة معاملة الجميع حتى تحقيق الاستفادة المادية، قد تكون ردّ اعتبار لكرامتهما، وتعويضاً عما فقداه في طفولتهما المعذبة.
الفرق أنّ ريم أرادت اختيار طريق مختلف، فيما سحر أصرّت على اكمال دورها ولعبتها... وانتقامها.
إٌقرئي أيضاً: ماغي بو غصن تبدأ تصويرشؤ مسلسل "بروفا" الذي سيعرض رمضان المقبل
ريم وسحر في اختبار الكفاءة الذاتية
- الكفاءة الذاتية هي عنصر أساسي في نظرية علم الاجتماع. وتُوصف الكفاءة الذاتية بأنّها معتقدات الشخص حول قدرته على ممارسة السيطرة على أدائه الخاص والأحداث التي تؤثر على حياته. وترتبط الكفاءة الذاتية، التي يُشار إليها أيضًا باسم إتقان الذات_من جوانب مفهوم الذات، بما في ذلك ضبط النفس والإعجاب بالذات واحترامها وتقدير القدرات الشخصية.
- وأظهرت الدراسات أنّ المستويات العالية من الكفاءة الذاتية مرتبطة بنتائج صحية إيجابية. وقد ثبت أن الكفاءة الذاتية تلعب دورًا مهمًا في أشكال متنوعة من السلوك الصحي. وأظهرت النتائج المتقاربة في العديد من مجالات البحث أن السلوكيات الصحية يتم التوسط فيها جزئيًا من خلال الكفاءة الذاتية.
- وفي عودة لريم وسحر؛ يدبو جليّاً أنّ سحر متمرّسة بل محترفة في معايير الكفاءة الذاتية؛ فهي ذكية، تفرض نفسها على الجميع، حيث تجعلهم مغرومين بها. ومن المؤكد كي يحبكِ الجميع، لا بدّ أن تحبي نفسكِ وتقدّريها، وهنا أبدعت سحر.
- ريم، على عكس سحر، تفتقد الثقة وتقدير الذات. وفي مثل بسيط للمقارنة، نعود لرأي والدة هادي في التمييز بينهما، ما استدعى هادي للفت نظر والدته كي تعيرريم بعض الانتباه. فرغم صدق ريم بحبها لهادي، لم تستطع نيل قلب والدته، فيما استطاعت سحر بدقائق أن تقلب المشهد وتجلب والدة باسل لصفها، انتهت بغمرة ودموع من حماتها. دون أن ننسى، سحر ليست مغرومة بزوجها، بل تستغلّه عاطفياً. رغم ذلك، نجحت في إيقاع الجميع بالفخ. ( وهنا، تقدير الذات يلعب دوره).
- عن تقدير الذات أيضاً، يمكن أن ناخذ عمر مثالاً؛ فهو رغم غرامه الكبير لريم، وتعلّقه بها، لدرجة يشعر بفقدان رجوليته عندما يلامس امرأة أخرى، فهو يعود لسحر في كافة قراراته كبرهان أنّه لا يثق بقرارات ريم؛ وإن دلّ هذا على شيء، فهو يدلّ على مدى انعجاب عمر بشخصية سحر، وثقته الكبيرة بها.
إذن، بعد أن ضاع صدق ريم في عدم قدرتها على اقناع الآخرين بصوابية قرارها، وبعد أن أثبت كذب سحر قدرتها على التأثير على محيطها، نحن نعجز عن الخيار.
فلا نفضل الكذب على الصدق، ولا نفضل عدم الثقة على حب الذات. يبقى أن المطلوب هو الصدق مع الذات قبل الآخرين، ممزوجاً بحب النفس وتقديرها، كي نبني صحة نفسية سليمة ومجتمع آمن.
نحن لم نختر ريم أو سحر، بل نختار سيدة صادقة واثقة تثبت نفسها ونجاحها أمام الجميع كي نصل إلى مجتمع يقدّر المرأة ويصون حقّها في العيش الكريم، وحتى لا تُنتهك طفولة سحر أو ريم من جديد.
إقرئي أيضاً:
ماغي بو غصن تلهم الجمهور في رسائل حول مرضها