الحياة العائلية السامة تؤثّر على سلوك طفلك وحياته فإنتبهي

الحياة العائلية السامة تؤثّر على سلوك طفلك وحياته فإنتبهي

محتويات

من الطبيعي والبديهي أن يؤثر ما يحدث في المنزل بشكل كبير وطويل الأمد على الصحة العقلية والتطور لدى الطفل. كما أثبتت الدراسات أنّ سلوك واستقرار الطفل العاطفي في علاقاته العاطفية في المستقبل يتأثر بصورة واضحة بسنوات طفولته وطبيعة حياته التي عاشها. سنسلط في هذا المقال الضوء على أبرز تأثيرات الحياة العائلية السامة على طبيعة سلوك الطفل العاطفي وعلاقاتهم إلى الأبد؟

 

تأثير الحياة العائلية السامة على علاقات الأطفال المستقبلية

 

عندما نتحدث عن التأثير الكبير للحياة العائلية على الأطفال، فلا نحصرها فقط بالعلاقة بين الأهل وأطفالهم. فإنّ العلاقة بين الوالدين فيما بينهما لها أثر بالغ وخطير على كافة الجوانب في نشأة الطفل النفسية وصولاً إلى نجاحه الأكاديمي والمهني والعلاقات المستقبلية. إذاً كيف يحدث هذا الأمر؟

 

- على صعيد الخلافات حول الأطفال، تظهر الأبحاث أن الضرر لا يقتصر على الأطفال الذين يعيشون في أسرة تسودها الخلافات بين الأهل، فالعلاقات السيئة يمكن أن تنتقل من جيل إلى جيل ومن أسرة إلى أخرى.

 

- أجرى الطبيب النفسي هاري هارلو  في في المنتصف الثاني من القرن العشرين، سلسلة من التجارب القاسية على مجموعة من القردة لدراسة أثر انفصال الأُمّهات عن أطفالهن الرُضّع في مراحل مختلفة من حياتهم. تلعب الفترة الزمنية عاملا مهمّا في مسألة التعلّق، إذ تبيّن لهارلو أنّه من الممكن أن نتدارك المشكلات الاجتماعية والعاطفية التي تنشأ لدى الطفل إذا لَم تتجاوز فترة الإهمال الاجتماعيّ والعاطفي المدّة الحرجة وهي ثلاثة أشهر متواصلة. أمّا بعد هذه المُدّة فيبدو  أنّ الأعطاب الاجتماعية والاختلال العاطفيّ سيلازم الطفل بصورة كبيرة في حياته، وسيصعب إعادة الأمور إلى وضعها السليم.

 

- يشرح الطبيب والبروفيسور دانيال جاي سيجيل في كتابه "The Whole Brain Child" بعض التصرّفات التي قد تتسبّب في تشويه نمط التعلّق لدى الطفل. فيذكر سيجل أنّ رؤية الطفل للوالدين وهما غاضبان قد يتسبّب له بالخوف والذعر، وحينها سينصحه عقله باللجوء والهرب إلى عناصر الحماية والأمان، وهُم أهله الذين هُم أنفسهم مصدر الخوف. هكذا وفي حال كان الموقف شديدا ومتكرّرا ينهار النظام الإدراكي للطفل، لأنّه مذعور، بينما مصدر الأمان الوحيد لديه هُم أنفسهم مصدر الذعر، ممّا يتسبّب في وتشوّه نمط التعلّق لديه، متسبّبا له بنمط تعلّق مضطرب.

 

- أمّا في حالة نمط التعلّق التجنّبي، يشرح بروفيسور دانيال جاي سيجيل أيضاً أنّ في حالة كان الأهل يقضون وقتا طويلا في الخارج أو كثيري السفر والغياب، يصل الطفل إلى قناعة أنّه غير مهم بالنسبة لأهله، وأحيانا وفي حالات حادّة قد يشعر بعدم وجوده الحسّي. بالتالي حين يكبر هذا الطفل  فإنّ نظامه الإدراكي يتأسّس فقط على فكرة الوجود الماديّ بالنسبة للآخرين. وهو ما يجعله يفتقد القدرة على التعبير عن ذاته ومشاعره وآماله وأفكاره، فيصبح أكثر تجنّباً.

 

- وظّف المختصّان النفسيان ميلان وكاي ييركوفيتش نظرية التعلق، وخلصا إلى أنّ شكل التفاعل بالعلاقة العاطفية مع الأزواج والشركاء والمشكلات التي نعاني منها تتحدّد بحسب الطريقة التي ينشأ بها الفرد.

 

- حسب نموذج ييركوفيتش ينقسم الأشخاص في العلاقات إلى خمسة أنماط، هي: المُبهج، الضحية، المُتحكِّم، المتذبذب والمتجنّب.

 

- يزيد مشاهدة الأطفال مشاجرات والديهم بشكل مستمر من فرص تعامل الأطفال بعنف مع الآخرين وعدوانية. وهذا يمنعهم من بناء علاقات صحية وسليمة فيما بعد.

 

- عند مقارنة تطور مهارات الطفل بأطفال آخرين وانتقاده بقسوة. فيشعر الطفل أنه عاجز ولا يستطيع القيام بشيء، وأن الآخر أفضل منه. وهذا سينعكس  على أدائه اليومي والمدرسي والاجتماعي وعلاقاته العاطفية فيما بعد. فبتنا نتحدث الآن عن إنسان لا يثق بنفسه وبقدراته.

 

إذن، نستنتج مما سيق أهمية ضمان حياة عائلية إيجابية لأطفالكِ ليستطيعوا بناء علاقات ناجحة وسليمة خارج دائرة الأسرة فيما بعد. 

scroll load icon