دراسة علمية تكشف ميل المولود الثاني في العائلة لإثارة المتاعب
محتويات
شغلت مسألة ترتيب الأشقاء وتأثيرها على السمات الشخصية حيزاً كبيراً من اهتمام الباحثين، فكانت مادة دسمة للكثير من الدراسات التي أجريت. وقد وجدت دراسة جديدة أنّ المولود أو الطفل الثاني يميل لأن يكون أكثر تمرداً من الطفل الأكبر سناً. فماذا تقول هذه الدراسة بالتحديد؟ وما الذي يجب أن تعرفيه عن علاقة ترتيب الطفل بمستقبله المهني وبناء شخصيته؟
الطفل الثاني أكثر تمرداً
كشفت دراسة تحت عنوان "Birth Order and Delinquency: Evidence from Denmark and Florida" أنّ الصورة النمطية للمولود الثاتي أو المتوسط بأنّه مُتمرد أكثر، قد تحمل بعض الحقيقة. فيبدو أنّ هناك تأثيراً مباشراً لترتيب الأولاد على تحصيلهم العلمي وشخصياتهم.
ووفقاً لهذه الدراسة، يكون الطفل الثاني في العائلات التي لديها طفلين أو أكثر احتمالاً بنسبة 25% إلى 40% من الأخ الأكبر للوقوع بمشاكل في المدرسة. كما يكون عرضة للتأديب أكثر مقارنة بأشقائه. ويعود هذا الأمر بحسب الدراسة إلى أنّ المولود الثاني يتلقى اهتمامًا أقل من المولود الأول. بالتالي يُصبح الطفل الثاني ملزماً على مشاركة الاهتمام مع الأخ الأكبر أو حتّى الأصغر منه، في حال كانت العائلة مؤلفة من ثلاثة أولاد.
علاقة ترتيب الطفل بمستقبله المهني
إلى جانب ما سبق، لقد تطرقت العديد من الأبحاث إلى مسألة تأثير ترتيب الطفل في العائلة على مستقبله المهني. إذ طُرحت نظريات عديدة في هذا الصدد، منها أن الابن الأصغر أكثر جرأة وقدرة على المجازفة. لكن النظرية الأكثر انتشارا هي أن الابن البكر، نظرا لخبرته الطويلة في فرض السيطرة على إخوته، لديه فرص أكبر من أشقائه في أن يصبح قائداً.
وعلى الرغم من دحض بعض الخبراء هذه النظريات، فتؤكد دراسة عملية صدرت في العام 2019 على أن الفجوة العمرية بين الأشقاء والتوازن بين الأولاد والبنات في الأسرة، وحتى جودة العلاقة بينهم تؤثر على سمات الشخص وخصاله. بالتالي تساهم الخلافات والشجارات بين الأشقاء حول من يجلس في المقعد الأمامي أو من ينام أخيرا، وكذلك اللباقة والمهادنة للتحايل على الأشقاء... تساعدهم في اكتساب المهارات والخصال الشخصية التي ستنفعهم في حياتهم العملية.
العلاقة الودية بين الأشقاء تبقى الأهم
لا يتوقف تشكيل الشخصية على الترتيب بين الأشقاء. فمن الطبيعي أن تؤثر أيضاً طبيعة علاقة كل فرد بأسرته والدور الذي يؤديه في المنزل على الشخصية.
وقد وجد استعراض لعدة دراسات في عام 2013 إلى أن جودة العلاقة بين الأشقاء، من حيث وجود ألفة وود بينهم أو صراعات أو تمييز في التعامل بينهم، قد تسبب لهم مشكلات نفسية وسلوكية على المدى الطويل أو تحميهم من مخاطرها.
كما قد يلعب عامل التوازن بين الفتيات والصبيان في الأسرة دوراً محورياً في التأثير على مستقبلهم المهني. إذ أثبتت دراسة أن الرجال الذين لديهم شقيقات أكبر سنا كانوا أقل اصرارا على التفوق على الآخرين. لكن هذه النتيجة لم تكن ثابتة في جميع الدراسات، على عكس عامل آخر أيدته دراسات عديدة، وربما يكون أكثر أهمية من الترتيب بين الأشقاء، وهو الفجوة العمرية. إذ أثبتت دراسة أجريت على أكثر من 4,000 بريطاني، أنه كلما قل الفارق العمري بين الأشقاء زادت فرص الشقيق الأصغر في أن يصبح أكثر قدرة على مخالطة الآخرين وأقل عصبية. وقد يرجع ذلك إلى أن جميع الأشقاء سيحصلون على نفس القدر من الاهتمام من أبويهم، ولأن التقارب في السن يتيح لهم اللعب معا والتعلم من بعضهما بعضاً.
إلى جانب ذلك، وجد بحث أجرته جميعة أبحاث نمو الطفل إلى أن الأطفال الذين ينخرطون مع أشقائهم في ألعاب المحاكاة وتمثيل الأدوار من المرجح أن يكونوا أكثر تفهما لمشاعر الأخرين مقارنة بغيرهم. مع العلم أنّ العلاقات الودية بين الأشقاء لا تأتي لوحدها. فكشفت دراسة أجرتها جمعية علم النفس البريطانية إلى أن الأشقاء الذين نشأوا في بيئات أكثر تنظيماً لأبوين منسجمين وسعيدين معا، تربطهم علاقات أوثق وأكثر ألفة ببعضهم مقارنة بالأطفال الذي يعيشون في جو أسري مشحون بالخلافات والمشكلات. بالتالي يلعب الجو الأسري وطبيعة علاقة الأم والأب دوراً مهماً في التأثير على طبيعة العلاقة بين الأشقاء، التي تؤثر بدورها على نمو الطفل وتشكل سماته الشخصية.
على الرغم من تعدد الدراسات التي تناولت هذا الموضوع الشائك من أكثر من زاوية، يبقى الأهم أن يُركز الأهل على طريقة معاملة أطفالهم. فمن الظلم أن تعاملي أي طفل بالطريقة النمطية التي يحددها ترتيبه العمري، أو حتى معاملة كل الأشقاء بالطريقة نفسها من دون مراعاة اختلافاتهم وحاجاتهم الفردية وقدراتهم الشخصية.
إقرئي أيضاً: