كم ساعة عمل حقيقية نحتاج يومياً للقيام بوظائفنا
محتويات
نقضي مُعظمنا ثماني ساعاتٍ يومياً في العمل بالمكاتب واماكن العمل. لكن ما هي عدد ساعات العمل الحقيقية خلال اليوم أو الأسبوع الوظيفي؟ وما هي آراء الخبراء في هذا الموضوع. هذا ما سيتطرق إليه هذا المقال المستوحى من موقع "غلامور" Glamour.
إنّ العمل في المكتب يفرض على الأفراد التواجد فعلياً لحوالي ثماني ساعات يومياً وأمام شاشة الكومبيوتر. فبالتالي تُصبح أوقات الفراغ والجدول اليومي للأعمال مُحددة مُسبقاً بحسب ساعات العمل. ومن المعروف أنّه في وقت التواجد في العمل، لا يُمضي الفرد فعلياً كل ساعات العمل أمام الكومبيوتر، فلا يتوقف عن العمل. فيتوزع وقت الفراغ بين احتساء القهوة مع الزملاء، التحدث عبر الهاتف وتناول الطعام. في هذا السياق تقول المُحللة النفسية في جامعة جورجيا، ميليسا كلارك في بحثِ أجرته عن الرفاهة والصحة وإدمان العمل انّه من غير المنطقي أن يمضي الموظف كل دوام عمله وهو يُركّز في الثماني ساعات كلّها على العمل. فهذا أمر مُستحيل على حد تعبيرها.
كم ساعة نعمل فعلياً؟
تبيّن في إحصاء تم إجرائه في بريطانيا بالعام 2016 أنّ 1989 موظفاً في دوام عمل كامل كانوا يعملون فعلياً لساعتين و55 دقيقة في اليوم فقط. كما أظهر استبيان آخر في الولايات المتحدة الأميركية على عيّنة من 1000 موظف أنّ الموظفين يمضون ساعتين على الأقل على هواتفهم خلال ساعات العمل. مع العلم أنّ العمل من المنزل يجعل القيام بالمهام بشكلٍ متواصلٍ أمراً صعباً جداً.
لماذا نعمل ثماني ساعات في اليوم؟
بما أنّ الموظفين لا يُمكنهم العمل بشكلٍ متواصلٍ، لماذا هناك إصرار على إبقاء دوام العمل لثماني ساعات يومياً؟ في هذا السياق تقول مؤلفة كتاب "Work won’t love you back"، سارة جيف انّ دوام العمل في مراحل سابقة قد تم تخفيضه من 14 ساعة في اليوم إلى 10 ساعات ثمّ إلى 8 ساعات. ويرجع ذلك إلى نضالات ومطالبات العمال والحركة العمالية. مع العلم أنّ دوام العمل هذا قد تمّ اعتماده منذ ثمانينات القرن التاسع عشر، أي منذ أكثر من 200 عاماً. لكن الأمر الوحيد الذي يختلف هو أنّه لم يكن هناك في تلك الحقبة التطوّر التكنولوجي الذي نراه اليوم في عصرنا. لذلك كان يحتاج أيّ عملٍ إلى ساعاتٍ كاملة لإنجازه. لكن اختلف الوضع في عصرنا هذا، إذ نستطيع إنجاز العمل في دقائق بفضل التطوّر التكنولوجي الهائل.
كما تحدثت ميليسا كلارك عن مُشكلة أخرى وهي أنّه قد تم تحديد دوام العمل في القرن التاسع عشر بأربعين ساعة عمل أسبوعياً، لأنّ دور المرأة في ذلك الوقت تمحور حول تربية الأطفال والقيام بالأعمال المنزلية. فكان الرجل هو الذي يذهب إلى العمل بينما تفرغت المرأة للأعمال المنزلية وتربية الأطفال.
ماذا عن إنتاجيتنا الحقيقية؟
في ظل هذا التطور التكنولوجي الهائل، هل بالفعل إبقاء ساعات العمل كما هي يقود إلى إنتاجيةٍ أكبر وأداءٍ أفضل؟ إنّه استفهام مشروع من دون شك لمعرفة حقيقة إنتاجيتنا. لذلك تؤكد الكاتبة والمؤلفة المشاركة في كتاب " Unmanageable: Leadership Lessons From an Impossible Year" ميليسا نايتنجال، أنّ مع زيادة ساعات العمل تتقلص نوعية وإنتاجية العمل والنتيجة التي يجب الحصول عليها بالتالي.
وتجدر الإشارة إلى أنّ نايتنجال قد ركزت في بحثها على الأشخاص الذين يميلون إلى العمل لساعات طويلة، وبخاصة خلال فترة الوباء السابقة، حيث كان معظم الناس يسعون للعمل أكثر من 40 ساعة أسبوعياً. مع العلم أنّ فكرة العمل بهذا الشكل الشرس والعمل بشكلٍ متواصل ولساعات طويلة، من أجل التألق والارتقاء فوق الموظفين ستؤدي في نهاية المطاف إلى الإرهاق.
في المقابل، أظهر استبيان قام به الباحث أيرين ريد على أكثر من 100 موظف في شركة استشارية كبرى، توّجب عليهم العمل 80 ساعة أسبوعياً أنّ النساء يحاولن دائماً الحصول على إجازات من العمل للاهتمام بأطفالهن واحتياجاتهن الشخصية. فوجد أنّهن يعملن بين 50 و60 ساعة عمل أسبوعية. الأمر الذي أثّر على نموهن الوظيفي. لكن من الجهة الأخرى، تبيّن أنّ الرجال أيضاً عملوا الوقت نفسه مثل النساء لكنّهم لم يطلبوا الحصول على إجازات على عكس النساء. فإنّهم بكل بساطة عمدوا إلى القيام بمهامٍ أقل في هذه الثمانين ساعة "الافتراضية". واللافت في الدراسة أنّ رؤساء العمل لم يعرفوا فعلياً من هم الموظفين الذين عملوا 80 ساعة عمل أسبوعية مقابل الـ 50 و60 ساعة عمل. إنّهم فقط فضّلوا بكل بساطة الموظفين الذين "تظاهروا" بأنّهم يعملون 80 ساعة عمل، ولكن الحقيقة على الأرض كانت مُغايرة. فإنّهم لم يعملوا كل هذه الساعات.
في النهاية تؤكد المُحللة النفسية في جامعة جورجيا، ميليسا كلارك أنّه لا داعي لإبقاء دوام العمل ثماني ساعات يوميًا لأنّ التركيز يجب أن يكون على المدة الفعلية اللازمة للقيام بالمهام المطلوبة بإنتاحيةٍ كاملة ونجاح. فعلى الرغم من اختلاف وتنوّع ساعات العمل يبقى الأهم نوعية الإنتاج والنتيجة النهائية.
إقرئي أكثر: