يا ورق وخيطان...

أوقفت السيارة فجأة إلى جانب الطريق السريع، كادت السيارات خلفي ترتطم بي...

 

لم أنتبه للشفاه الشاتمة، والابواق الزاعقة على مداها، وأصوات الفرامل... كل ما رأيته هو ذلك الرجل الذي لا أتذكر ملامحه يحمل طائرة ورقية نصف المحلّقة للبيع...

 

ألوان زاهية تطير وسط تعبي وعجقة المدينة وقلقي صبغت يومي... توقفتُ.. سألت الرجل أن يبيعني طائرة.. فأعطاني طائرة بوجه باسم ومكوك خيطانها..

 

بدأت الصور تنهال عليّ.. ر

أيتُني وأنا أركض في حقل قمح يابس بسنابله السمراء، وسمعت ضحكتي وضحكتك...

طيّرنا معاً الطائرة في أماكن كثيرة.. على شاطئ بحر لم نزره بعد... في سهول خضراء جداً... على أعالي جبل أبيض لا اسم له...

كل هذا بلمحة بصر.. وأصوات ضحكاتنا وانقطاع نفسنا ولهاثنا من شدة الركض والضحك تملأ أذنيّ..

 

يا الله ما أجمل الطائرات الورقية!!

أكاد أرى عينيّ معلّقتين على ذيل الطائرة ترصد الأرض من فوق... وتشفقان على الكائنات التي لا تجيد الطيران...

تلازمني عقدة الاجنحة منذ دهور... لا أدري كيف أشفي هذا الولع...

 

ربما ولدت طائرا... لا أحد يعترف لي... وانا لا اتذكر.. لكن ثمة محرك أجنحة في داخلي لا يكذب... ويشي بسرّ ما... يعمل فجأة من دون إنذار... لينذرني!!

 

المهم انني اشتريت الطائرة، ولدي مشاريع كثيرة... أكبر من حجمها المعنوي، ومن قدرتها على التحليق.. ولدي رسائل ملوّنة إلى كل مَن تفعل فيه الطائرة الورقية فعلها..

اشتريت الطائرة والابتسامة لا تفارق وجهي وجسدي وروحي...

اشتريتها بحجّة طفلَيْ اخي الصغيرين..

 

مَنْ يحتاج لحجّةٍ أصلاً ليشتري أجنحة!

scroll load icon