البروتوكول الملكي بكل طقوسه وتقاليده في جنازة ملوك وملكات بريطانيا
محتويات
لقد ودع العالم الملكة اليزابيث الثانية يوم الإثنين، فدُفن جثمانها في كنيسة سانت جورج بقلعة ويندسور في أطراف لندن. وقد انتهت بذلك مراسم التشييع بحضور الملك تشارلز الثالث وأعضاء الأسرة المالكة وألفي ضيف من قادة العالم والمسؤولين. لا شك أنّ هذا اليوم كان مليئاً بالعواطف الجياشة والمراسم المهيبة التي لم يسبق لها مثيل منذ آخر جنازة رسمية لونستون تشرشل قبل 60 عامًا تقريبًا. وقال قصر باكنغهام إن الملكة في حياتها وضعت لمسات شخصية على مراسم جنازتها.
انتهت مراسم جنازة الملكة بعد إنزال النعش إلى القبو الملكي بكنيسة سانت جورج ودفن جثمانها، في حين غادر الملك تشارلز الثالث وأفراد العائلة الملكية الكنيسة. سنتعرّف اليوم على أهم طقوس وتقاليد وبروتوكولات الجنازات الملكية (للملك أو الملكة).
بروتوكول الجنازات الملكية في بريطانيا
إنّ جنازة ملكة بريطانيا السابقة إليزابيث الثانية هي من دون شك إحدى أهم الجنازات والفعاليات الرسمية التي شهدها القرن الحادي والعشرون والتي لن تُنسى في التاريخ. فاجتمع ملايين المعزين ليشهدوا الوداع الأخير لأطول فترة حكم في تاريخ المملكة المتحدة. فقد بدأت المراسم صباح الإثنين بنقل التابوت المصنوع من خشب البلوط والمغطى بالعلم الملكي مع التاج الإمبراطوري من قاعة ويستمنستر بالبرلمان، حيث بقي لعدة أيام من أجل إلقاء نظرة الوداع عليه، إلى كنيسة ويستمنستر.
على مر القرون، تم الحفاظ على العادات والطقوس المُتبعة في جنازات الملوك والملكات البريطانيين السابقين، وتحديثها في بعض الأحيان، وقفاً للحاجة. إليكِ مجريات أحداث مراسم الجنازات الرسمية الملكية في العادة:
- في الصباح الباكر (6:30) تنتهي فترة إلقاء نظرة الوداع على النعش في ويستمنستر هول في قلب لندن. وهنا يصطف الآلاف لإلقاء نظرة الوداع.
- على الساعة الثامنة صباحاً، على بعد مسافة قصيرة، في كنيسة وستمنستر آبي، تُفتح الأبواب للضيوف الذين توافدوا قبل بدء مراسم الصلاة. ويشارك في الجنازة رؤساء وزعماء من جميع أنحاء العالم إلى جانب أفراد العائلة المالكة.
- يشارك في الجنازة ساسة بريطانيون كبار ورؤساء ووزراء سابقون.
- يحضر الجنازة ملك بلجيكا فيليب والملكة ماتيلد وملك إسبانيا فيليب والملكة ليتيزيا.
- على الساعة 10:44 تبدأ مراسم اليوم بشكل جدي، حيث يتم رفع نعش الملكة ونقله إلى وستمنستر آبي من أجل القيام بمراسم الجنازة.
- يُحمل الجثمان على عربة مدفع تابعة للبحرية الملكية، يشدها 142 بحارًا. وقد شوهدت العربة آخر مرة في عام 1979 في جنازة عم الأمير فيليب، اللورد مونتباتن، واستخدمت في جنازة والد الملكة، جورج السادس، في عام 1952.
- يسير كبار أفراد العائلة المالكة، ومن بينهم الملك الجديد وابناه الأمير وليام والأمير هاري، خلف عربة المدفع في الموكب.
- تعزف فرقتا موسيقى القرب والطبول التابعتين للفوجين الاسكتلندي والأيرلندي، إلى جانب أفراد من سلاح الجو الملكي ووحدات مقاتلي الغوركا.
- يصطف عناصر البحرية الملكية ومشاة البحرية الملكية على طول الطريق. ويقف حرس الشرف الذي يمثل الأجهزة العسكرية الثلاثة في ساحة البرلمان برفقة فرقة من مشاة البحرية الملكية.
- على الساعة 11 صباحاً، تبدأ مراسم الجنازة الرسمية في وستمنستر أبي. وتتبع قواعد البروتوكول الصارمة، مثل الموكب العسكري.
- يقام قداس الجنازة في كنيسة يستمنستر آبي، وهي نفس الكنيسة التاريخية التي يتوج فيها ملوك وملكات بريطانيا. كما شهدت الكنيسة مراسم زواج الأميرة إليزابيث آنذاك من الأمير فيليب عام 1947.
- في نهاية مراسم الجنازة ، يدوي صوت البوق، ويتبعه صمت في البلاد لمدة دقيقتين.
- يتم عزف النشيد الوطني وموسيقى جنائزية في نهاية قداس الجنازة في منتصف النهار تقريبًا.
- بعد القداس، ينقل النعش في موكب سيراً على الأقدام من وستمنستر آبي إلى ويلنغتون آرش، في هايد بارك كورنر في لندن.
- مع اصطفاف قوات الجيش والشرطة على الطريق، تدق ساعة بيغ بن دقات يفصل بين كل واحدة منها دقيقة واحدة بينما يتحرك الموكب ببطء في شوارع العاصمة.
- تطلق المدفعية طلقات تحية أيضًا كل دقيقة من هايد بارك.
- يتكون الموكب، بقيادة شرطة الخيالة الكندية الملكية، من سبع مجموعات لكل منها فرقتها الخاصة.
- كما يشارك أفراد من القوات المسلحة من بريطانيا والكومنولث والشرطة. كما يشارك بعض العاملين في الخدمات الطبية الحكومية في بريطانيا.
- مرة أخرى، يقود الملك أعضاء العائلة المالكة في السير خلف عربة المدفع التي تحمل النعش.
- بعد وصول الموكب الجنائزي سيراً على الأقدام إلى الممشى الطويل في قلعة وندسور، تصطف الشرطة مع أفراد القوات المسلحة على مدى ثلاثة أميال.
- يتم السماح لأفراد الجمهور بالوصول إلى الممشى الطويل لمشاهدة مرور الموكب.
- ثم ينضم الملك وكبار أعضاء العائلة المالكة إلى الموكب في قلعة وندسور بعد ذلك.
- تُقرع أجراس أبراج القلعة كل دقيقة ويتم إطلاق نيران المدفعية من أراضي القلعة.
- بمجرد وصول النعش إلى ويلنغتون آرش، في حوالي الساعة 1 ظهرًا، تبدأ رحلته الأخيرة إلى قلعة ويندسور.
- دخول التابوت إلى كنيسة القديس جورج حيث تجري مراسم الدفن. فكنيسة سانت جورج هي الكنيسة التي تختارها العائلة المالكة بانتظام لحفلات الزفاف والتعميد والجنازات.
- يشمل القداس مراسم تقليدية ترمز إلى نهاية عهد من يقيم الجنازة له/ لها.
- يُبعد المسؤول عن المجوهرات الملكية التاج والكرة الملكية والصولجان من أعلى التابوت.
- في نهاية الترنيمة الأخيرة، يضع الملك علم حراس غرينادير على التابوت. وحراس غرينادير هم أكبر حراس المشاة الذين يقومون بواجبات احتفالية للملك.
- من بعدها يتم إنزال الجثمان إلى القبو الملكي، ليعزف عازف القرب الملكي معزوفة جنائزية.
- من بعدها، تنتهي بذلك مراسم الدفن وسيغادر الملك وأفراد العائلة المالكة الكنيسة.
- من بعد دفن الجثمان، تنتهي فترة الحداد في أنحاء بريطانيا، على الرغم من أن حداد الأسرة المالكة سيستمر لسبعة أيام أخرى.
جنود البحارة الملكيون يسحبون عربة التابوت بالحبال
عادة ما يسحب البحارة وأصحاب المناصب الملكية من الجنود البحرية، العربة المدفعية التي يبلغ عمرها 123 عاماً وتحمل نعش الملك الراحل عبر الشوارع باستخدام الحبال.
إذ لا تجرها الخيول ولكن وفقاً للتصنيفات والرُتب البحرية، نتيجة لحادث وقع قبل أكثر من قرن من الزمان. ولأول مرة تم تبني هذه العادة فيها كانت عام 1901 في جنازة الملكة فيكتوريا، عندما انكسر قضيب عربة المدفعية عندما تم رفع نعشها عليه، لأن الملكة الكبرى كانت مفرطة في الوزن فوصل إجمالي وزن التابوت لما يقرب من نصف طن، وبناء عليه أصيب أحد الخيول بارتداد من الأحزمة التي تمزقت، مما تسبب في الذعر والهلع. في تلك اللحظة تدخل حرس الشرف البحري وسحبوا عربة المدفعية إلى القلعة بالحبال، واعتُبر المشهد مدهشاً للغاية للجميع لدرجة أن التقليد بات مستخدماً في جنازة كل ملك بريطاني منذ ذلك الحين.
والجدير بالذكر أنّ 98 بحاراً من البحرية الملكية يقومون بجر عربة المدفعية التاريخية، بينما يسير 40 بحاراً وراءهم ممسكين بحبال معقودة في النعش لكي يقوموا بدور المكابح في حال خروج العربة عن السيطرة.
ارتداء الملابس العسكرية
يرتدي بعض أعضاء العائلة المالكة مثل الملك والأمير الملابس العسكرية كونهم خدموا في الجيش. وفي جنازة الملكة اليزابيث الثانية تحديداً ظهر وليام بالملابس العسكرية، مثل والده الملك وعمته الأميرة آن، بينما كان شقيقه هاري وعمهما أندرو يرتديان الملابس المدنية. فإنهما لم يرتديا زياً عسكرياً لأنهما ليسا عضوين فاعلين في العائلة المالكة. إذ تخلى هاري عن وضعه بعد زواجه وانتقاله إلى الولايات المتحدة للعيش فيها.
وقد ورث وليام، 40 عاماً، ألقاب والده الملك السابقة، أمير ويلز ودوق كورنوال، وسيشرف على دوقية كورنوال، وهي مجموعة ضخمة من حيازات الأراضي في جنوب إنكلترا تبلغ قيمتها حوالي 1.2 مليار دولار.
إطلالات سوداء لنساء العائلة المالكة في جنازة القرن
في العادة تفرض تقاليد العائلة المالكة أن ترتدي النساء، بما في ذلك أفراد العائلة المالكة غير العاملين مثل ميجان ماركل حجاب دانتيل أسود تقليدي. فيُطلق على هذا الحجاب من الدانتيل الأسود "حجاب الحداد"، وهو له دلالة رمزية. إذ يدل على أن مرتديه في حداد، لكنه يضيف أيضًا عنصرًا عمليًا لأنه يتيح لمرتديه مزيدا من الخصوصية للحزن عند ارتدائه.
ارتدت النساء من العائلة المالكة الحجاب في جنازة الأمير فيليب في أبريل 2021 ، لكنهن اخترن نسخة أكثر دقة من حجاب التول الأسود التقليدي الذي كان يرتديه أفراد العائلة المالكة في أوائل إلى منتصف القرن العشرين. وكما هو معتاد، يرتدي جميع أفراد العائلة المالكة الزي الأسود منذ الإعلان عن الوفاة. مع العلم أنّه قد شاع تقليد ارتداء الأسود للحداد من قبل الملكة فيكتوريا، التي ارتدت الأسود لمدة 40 عامًا بعد وفاة زوجها الأمير ألبرت في عام 1861.
في جنازة الملكة اليزابيث الثانية تحديداً، خيّم اللون الأسود على مظهر نساء العائلة المالكة اللواتي شاركن في الجنازة.
فاختارت كاميلا، الملكة القرينة الجديدة، أن تزيّن ثوبها الأسود ببروش "هيس اليوبيل الماسي" المرصع بالماس والياقوت الأزرق. كان هذا البروش ملكاً للملكة فيكتوريا التي تلقته كهدية من أحفادها، وقد تم عرضه مع مقتنياتها في المعهد الإمبراطوري بلندن. وقد اختارت كاميلا أن ترتدي هذا البروش في وداع الملكة لتصميمه الذي يأخذ شكل قلب ولون أحجاره الزرقاء التي تدل على الاحترام.
أما بالنسبة لأميرة ويلز كيت ميدلتون، فارتدت ثوباً على شكل معطف باللون الأسود من دار Alexander McQueen. نسقت خيارها مع قبعة مرفقة بغطاء شبكي للوجه من تصميم Philip Treacy وحذاء أسود من Gianvito Rossi. أما بالنسبة لمجوهراتها فاختارت زوجاً من الأقراط الماسية المزينة باللؤلؤ البحريني وعقدا مؤلف من ثلاثة صفوف من اللؤلؤ اختارته من مجموعة مجوهرات الملكة إليزابيث. في المقابل، ارتدت ابنة كيت الأميرة شارلوت البالغة من العمر 7 سنوات، معطفاً أسود رافقه بروش صغير على شكل حدوة حصان كرمزٍ لحب جدتها الراحلة للخيول بالإضافة إلى قبعة سوداء.
لقد اعتمدت ميغان دوقة ساسكس في إطلالتها ثوباً أسود مرفقا بكاب من دار Stella McCartney، وقبعة صممها Stephen Jones لدار ديور، وقفازات سوداء طويلة. وبالنسبة لمجوهراتها فاختارت أقراطاً من الماس واللؤلؤ سبق أن أهدتها لها الملكة الراحلة بالإضافة إلى سوار Cartier Love الذي يرافقها دائماً.
كما اختارت الأميرة بياتريس حفيدة الملكة إليزابيث ثوباً أسود من لويس فيتون نسقته مع سترة قصيرة وحقيبة من Fiona Koutur، حذاء من Jimmy Choo، وقبعة بدون أطراف. أما شقيقتها الأميرة أوجيني فاختارت الظهور بمعطف من الصوف من Day Birger Et Mikkelsen، مع حقيبة من Gabriela Hearst، وحذاء ستيليتو من Givenchy.
لماذا تمّ اختيار اللؤلؤ؟
يُعتبر اللؤلؤ أحد أبرز العناصر التي ارتدتها كل امرأة حاضرة تقريباً. إذ ارتدت نساء العائلة البريطانية الحاكمة المجوهرات المصنوعة من اللؤلؤ التي لفتت انتباه الجميع.
واشتهرت الملكة إليزابيث الثانية بإعارة مجوهراتها لأفراد العائلة المالكة الآخرين. وعلى مدار فترة الحداد، شوهدت كل من كيت ميدلتون وميغان ماركل ترتديان قطعاً من المجوهرات المصنوعة من اللؤلؤ تعود للملكة الراحلة. لكن بالإضافة إلى اللؤلؤ الذي كانت صاحبة الجلالة تفضله على مر السنين، هناك سبب آخر وراء ارتداء أفراد العائلة المالكة اللؤلؤ في أوقات الحداد.
يعود تقليد "مجوهرات الحداد"، وخاصة ارتداء اللآلئ إلى عصر الملكة فيكتوريا. فبعد وفاة زوجها الأمير ألبرت في عام 1861، شعرت الملكة فيكتوريا بالحزن الشديد لدرجة أنها اشتهرت بارتداءها الأسود لمدة 40 عاماً، حيث جمعت ملابسها مع اللؤلؤ، والتي قيل إنها تمثل الدموع. وكانت الملكة فيكتوريا ترتدي خيوطاً من اللؤلؤ لبقية حياتها. كما ارتدت الملكة إليزابيث الثانية نفسها اللؤلؤ في جنازات الأميرة ديانا والملك جورج السادس والأميرة مارغريت ومؤخراً في جنازة زوجها الأمير فيليب دوق إدنبرة.
واستمر تقليد ارتداء الأحجار الكريمة أثناء الحداد في العائلة المالكة حتى يومنا هذا.
إقرئي أيضاً: