سلسلة نساء في السلطة: ليلى طرابلسي
السلطة لها عاشقات أيضاً، نساءٌ من كل الأجناس والأديان والأماكن لا يجدن متاع الدنيا إلا في "أحضان السلطة"، والتاريخ تمتلئ صفحاته بنماذج متنوعة من هؤلاء العاشقات. منهن من تمتّعن بجنة السلطة ونعيمها وتفوقن في صنع الأمجاد لأوطانهن وبلغن القمة عن جدارة، كنّ قائدات معارك تاريخية لها تأثيرها في حضارات العالم. ومنهن أيضاً من اكتوين بنارها، لم يرين في السلطة إلّا الجاه والمال والنفوذ، ضحين بالغالي والرخيص لتحقيق مآربهن الشخصية، كنّ نساء متسلطات سواء خلف الستار والكواليس أو فوق الأحداث مباشرةً، بلغن القمّة من دون جهدٍ وعرق، بل باللجوء إلى زوجٍ أو إلى عشيقٍ أو بسلاح الأنوثة الفتّاك.
ليلى طرابلسي
هي زوجةٌ طاغية هربت إلى المملكة العربية السعودية للالتحاق بزوجها زين العابدين بن علي، وتقول التقارير أنها هرّبت طناً ونصف الطّن من الذهب من البنك المركزي التونسي قبل أيام فقط من سقوط نظام زوجها.
ولدت طرابلسي عام 1957 لعائلةٍ بسيطة، كان والدها بائعاً للخُضر والفواكه. التقت رجل أعمالٍ يدعى خليل معاوي، وهي في سن الثامنة عشرة، وتزوجته ثم تطلقت منه بعد 3 سنوات.
أثناء توليه مديرية الأمن الوطني تعرّف بن علي على طرابلسي، التي كانت مالكة لصالون حلاقة حريمي. كان بن علي يشرف بنفسه على مداهمات تحصل لمحلات أو أماكن تصل أخبار عنها إلى الأمن، وكان محل ليلى طرابلسي من إحدى مداهماته. شبك الغرام بين الاثنين وانتهى بعلاقة سريّة استمرّت سنوات حتى انتهت بزواجٍ مستمر.
عندما عيّن بن علي ملحقاً عسكرياً في المغرب كانت ليلى تـزوره باستمرار في منفاه القريب، رغم وجود زوجته الأولى وبناته معه. قام بن علي بتطليق نعيمة، ليتزوج ليلى طرابلسي، إذ لا يسمح القانون التونسي بتعدّد الزوجات. وكانت الزوجة الجديدة موضع سخرية المجتمع المخملي التونسي فكان رد الرئيس الجديد للجمهورية أنه يرغب بأن يكون لديه إبنٌ ذكر.
كان لليلى بن علي نشاطات خيرية، اضافة الى ذلك فقد مارست سلطات تعتبر أقوى حتى من تلك التي يعطيها الدستور لرئيس الحكومة التونسي. كان بإمكانها مثلاً أن تعيّن وزيراً أو سفيراً بيدها اليمنى ثم تدفعهما إلى الاستقالة بيدها اليسرى، كما كان يمكنها أن تزجّ بمسؤولٍ ما في السجن وتطلق سراحه بعد لحظاتٍ قليلة فقط. بعبارةٍ أخرى، كانت تعتبر أنها تمتلك حق الحياة والموت على جميع التونسيين.وليست ليلى بن علي الوحيدة التي تملك مثل هذا الحق؛ فأقاربها وعائلتها استفادوا هم أيضاً من نفوذها داخل النظام السياسي.
في السنوات التي تلت وصول بن علي إلى الحكم، كدّس المقربون من النظام ثروات هائلة، وما من أحد من أقارب ليلى إلا واستحوذ على قطاع من قطاعات اقتصاد البلاد..
أمام اتساع مصالح عائلة ليلى في مختلف نواحي الاقتصاد التونسي، حاول بن علي أن يلعب دور الحاكم المغلوب على أمره. ضربت شبكة أقربائها والمقربين منها خيوطاً عنكبوتية حول كل القطاعات حتى بدأت الطبقة الوسطى تشعر بالإنهاك، وبدأت الرياح تدور في اتجاه غير الذي يشتهيه نظام بن علي.
أوردت صحيفة لوموند الفرنسية خطة كان يعد لها لتولي ليلى طرابلسي مقاليد الحكم مطيحة بزوجها في بداية عام 2013، خلال سيناريو يشمل الإعلان عن استقالة الرئيس لأسبابٍ صحية والدعوة لانتخابات عامة تتوّج بفوز ليلى، التي سيكون الحزب الحاكم قد رشّحها بعد أن نظم مسيرة مليونية بتونس العاصمة تطالب بذلك. المؤامرة كانت تحاك داخل قصر قرطاج حتى قبل انطلاق شرارة الثورة للإطاحة ببن علي.
في 20 حزيران 2011، قضت محكمة تونسية غيابياً، بسجن بن على وزوجته ليلى طرابلسي لمدّة 35 عاماً لكل منهما، بعد إدانتهما بالنهب والحيازة غير المشروعة لمبلغ نقدي ومجوهرات، وغرامة قيمتها 91 مليون دينار تونسي (65.6 مليون دولار). عُرف عن الطرابلسي إصرارها أن يلقّبها الإعلام بالسيدة الفاضلة وسيدة تونس الأولى، بينما يطلق عليها التونسيون الحلّاقة ليس للإشارة إلى مهنتها القديمة، بل للتعبير عن استخفافهم بها.