طقوس استقبال حجاج بيت الله الحرام في بعض البلدان العربية
لبنان:
تبدأ مراسم الاحتفال بعودة الحجاج في لبنان من استقدامهم من المطار، بحيث تحضر المواكب السيّارة ويطلق أصحابها أبواق سياراتهم لغاية وصولهم إلى مسكنه. في بعض القرى تبدأ الفرق الموسيقية بالطبل والزمر، ويترافق ذلك مع إطلاق المفرقعات النارية أو الرصاص ابتهاجاً، حتى لو كان في ساعات متأخرة من الليل. كذلك، فإن العائلات الميسورة تقوم بنحر الخراف ليمرّ الحجاج من فوقها ويطبعون أصابعهم من دمائها على جدران المنازل.
وتسعى بعض المناطق والقرى إلى تعليق يافطات ولوحات ترحيبية بالحجاج في الشوارع. وقبل وصول الحجاج، تكون عائلاتهم وجيرانهم قد زينوا لهم مداخل البيوت والأبنية بجريد النخل وبزينة الحج التي تتنوع بين مجسّمات صغيرة للكعبة، وبين رايات وشرائط ملوّنة، وشرائط مضيئة يتم نصبها من مبنىً إلى آخر، بالإضافة إلى أقمشة تطبع عليها صور الكعبة وعبارات دينية وترحيبية بالحجاج.
بعد وصول الحجاج، يتوافد المستقبلون ليهنئوا الحجاج بعودتهم سالمين إلى أوطانهم، متطهرين من الذنوب والمعاصي والآثام، حيث أصبحت صفحاتهم بيضاء نقية. فيجلسون معهم ليسمعوا منهم عن روحانيات الرحلة المباركة وزيارة مقام الرسول. ويتم توزيع مياه زمزم وأشهى التمور على الضيوف، وتعتبر هذه العادة مشتركة في كل البلدان التي تقيم مراسم استقبال الحجاج.
مصر:
أبرز سمات استقبال الحجاج المصريين العائدين من الأراضي المقدسة هي الزغاريد وأصوات المزمار البلدي والزينة المعلقة ورسومات تزيّن الجدران. كذلك يقوم الخطاطون بالرسم على جدران المنازل رسومات معبّرة عن أجواء الحج، وغالباً ما تصحبها جمل بعينها مثل "حج مبرور وذنب مغفور"، و "حمد الله بالسلامة".
كذلك، عند الاستقبال تنصب الرايات والأعلام والزينة التي تحمل رموزاً إسلامية ويكسوها اللون الأخضر، وتتوسطها مجسمات لشكل الكعبة وتُعلّق على شرفات المنازل، وعلى الأسوار لتكون في استقبال حجاج بيت الله الحرام.
وبالطبع لا نغفل عن مشهد الذبح وترك علامات بكف اليد الملطخ بالدماء على الجدران، استعداداً لتجهيز الولائم احتفالاً بعودة الحجاج. ومن يستطيع منهم نحر ذبيحة، فإن الحصّة الأكبر منها توزّع على الفقراء والمحتاجين، ليتقاسم الجميع فرحة العودة.
أبو ظبي:
تتشابه طقوس استقبال الحجاج في البلدان العربية. فالزينة عنصر أساسي في أبو ظبي أيضاً. كذلك يتم استقبال العائدين من الأراضي المقدّسة بالجهر وبالذكر والتكبير وبرفع الآذان، وتنحر الذبائح عند مدخل منازلهم.
كذلك تزيّن البيوت وتعلّق الأعلام على سطح البيت، إلى جانب بعض عبارات الترحيب، وتعلّق المصابيح المضيئة على شكل أهلّة أو نجوم، إلى جانب صور للكعبة المشرفة.
ويتم توزيع التمور ومياه زمزم لأفراد الأسرة والسبحات، وكاميرات الأطفال الصغيرة مع مجموعة من سجاد الصلاة.
الجزائر:
تميّز العائلات الجزائرية العائدين من بيت الله الحرام باستقبالٍ أسطوري، ووليمة يتم فيها طهي أطباق خصيصاً للحجاج.
في المقابل يحرص الحاج الجزائري على إحضار هدايا للمهنئين، ويكون فيها ماء زمزم الهدية الأغلى التي يقدمها الحجاج للأقرباء والأحباب.
يتم استقبال الحجاج بمجرد وصولهم إلى المطار، حيث تخصص لنقلهم مواكب تتضمن سيارات فخمة، حتى لو اضطروا إلى استعارتها أو استئجارها، تعبيراً عن فرحة العودة إلى أحضان الأسرة والأهل بعد تأدية فريضة الحج.
والسمة الأبرز التي تواكب الاستقبال هي الأعلام الوطنية التي تنصب على مقدّمة السيارات وفي كل مكان، ويتم إلباس العائد من الحج الزي الوطني التقليدي.
في البيت يتم استقبال الحجاج وسط إطلاق النار فرحاً بالعودة، وتعد "الوعدة" أي الوليمة وذلك بنحر الأغنام. وتتم دعوة الأقارب والأصدقاء والجيران.
ولعلّ ما يميّز طقوس الاستقبال في الجزائر، هو تركيز العائلات، في منطقة القبائل، على تحضير طبق يسمى بالمحلية "الطمينة". وهي أكلة تحضر من الدقيق والبيض ومزجه بحبات من الرمان والعسل. فما إن يصل الحجاج حتى يأكلون منها ملعقة أو ملعقتين. وفي مناطق أخرى، يكون حليب التمر أول ما يدخل فم الحجاج بعد عودتهم الى بيوتهم، ويكون صغار السن في المقدمة وفي غالب الأحيان يكون الابن أو الحفيد.
أما في المناطق الصحراوية، فيحضر طبق "الرفيس" بعجينة التمر ويسقى بالعسل قبل تقديمه للحجاج. وفي المنطقة الغربية يتم تقديم كبد الشاة أو العجل الذي تم ذبحه على شرف عودة الحجاج، وسط مدائح وأناشيد دينية.