يوم المرأة العالمي محطة لنتذكر أهم الإنجازات والسقطات في مسيرة تمكين المرأة العربية

يوم المرأة العالمي محطة لنتذكر أهم الإنجازات والسقطات في مسيرة تمكين المرأة العربية

محتويات

يحتفل العالم في الثامن من مارس باليوم العالمي للمرأة الذي يُعتبر فرصة حقيقية للتذكير بأهميته وتسليط الضوء على واقع المرأة، إلى جانب القضاء على كل أشكال عدم المساواة والتمييز بحقها. فلا يمكن للمجتمعات والعالم أن تُصبح مكاناً أفضل من دون تحقيق المساواة الحقيقية بين المرأة والرجل، باعتباره واجباً جماعياً وفردياً. فالكل مسؤول بطريقة مباشرة وغير مباشرة عن كسر الصور النمطية والتحيّز الممارس بحق المرأة في المجتمعات، أماكن العمل، المدارس والكليات، الأحوال الشخصية والمناصب القيادية وكل مجال من حولنا.

 

ليس الواقع دائماً قاتم، فقد حصلت الكثير من التغييرات في الأعوام الأخيرة في مجال تعزيز حقوق المرأة وتحقيق المساواة الحقيقية بينها وبين الرجل في عالمنا العربي. فعلى الرغم من الثغرات الكثيرة والتحديات التي تواجه الأفراد، جمعيات المجتمع المدني والمجتمع الدولي وعمل الحكومات العربية، إلا أنّ هناك بعض الإنجازات التي حصلت التي تستحق التوقف عندها، باعتبارها ضوء حقيقي في النفق المظلم الذي نحلم كلّنا بالخروج منه. نسترجع اليوم معاً أهم الإنجازات والسقطات في مسيرة تمكين المرأة العربية وتحقيق المساواة، كفرصة لاكتساب الكثير من العبر. 

 

السعودية تنطلق في رحلة تمكين المرأة بكل زخم

  •  في هذا اليوم بالذات من المهم أن نتوقف عند القرارات المُنصفة والمُعززة لدور المرأة في المملكة العربية السعودية. إذ حظي هذا الملف باهتمام هائل من قبل الحكومة السعودية ورؤية المملكة. فانطلق عمل الجهات المعنية نحو تفعيل دور المرأة بصفتها مواطنة شريكة في بناء الوطن وأجهزته وقطاعاته، على مختلف المستويات. لذلك ركّز أحد أهم أهداف رؤية 2030 على تمكين دور المرأة في المملكة العربية السعودية وضمان زيادة مشاركتها في سوق العمل.
  • من هنا، شهدنا صدور الكثير من القرارات والتشريعات والعديد من الأحداث التي ساهمت بتعزيز مكانة المرأة، وشريكة فعالة في التنمية الوطنية على جميع المجالات والمستويات.
  • وفي سابقة تشهدها المملكة العربية السعودية لناحية إنصاف النساء السعوديات وأولادهن، صدر مرسوم ملكي بالموافقة على تعديل المادة 8 من نظام الجنسية السعودية، ويتضمن التعديل إحلال عبارة: "بأمر من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح من وزير الداخلية" محل عبارة "بقرار من وزير الداخلية". وعلى الرغم من أنّ هذا التعديل المعلن لم يتجاوز نقل الصلاحيات من وزارة الداخلية إلى رئاسة مجلس الوزراء، إلا أن مراقبين اعتبروه مقدمة لتعديلات قد يتولى مجلس الوزراء القيام بها من خلال تسهيل منح الجنسية.
  • كما تمّ السماح للنساء بالاستحصال على رخصة قيادة للسيارات ورُفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة. فحددت السعودية شهر يونيو 2018 بداية قيادة المرأة السعودية للسيارة رسمياً. 
  • لم تتوقف تحسينات وضع المرأة عند هذا الحد، فاتخذت وزارة التجارة عدداً من الإجراءات والبرامج لتمكين دور المرأة التي تهدف إلى تفعيل مشاركة المرأة في الاقتصاد الوطني، ومساعدتها في بدء نشاطها التجاري بسهولة بعدما تم إلغاء شرط موافقة ولي الأمر.
  • وتضمن البرنامج السعودي كحزمة متكاملة تحت مظلة رؤية 2030 السعودية،  "إرسال رواد ورائدات فضاء سعوديين إلى الفضاء في مهام لخدمة البشرية". فأوضحت الهيئة السعودية للفضاء، أنه سيتم إطلاق أول الرحلات في العام 2023، وستضم الرحلة "رائدة ورائد فضاء سعوديين".  فإنّ إرسال أول امرأة سعودية إلى الفضاء بالتحديد سيكون حدثاً تاريخياً مهماً.
  • ولا ننسى أيضاً إطلاق المملكة مبادرة "التدريب والتوجيه القيادي للكوادر النسائية، التي تهدف إلى تطوير برامج تدريبية وتوجيهية تستهدف تحسين مهارات النساء العاملات، ورفع نسبة توظيفهن في المناصب القيادية.

 

 

مبادرات ملهمة في الإمارت برحلة تمكين النساء

  • لا شك أنّ رحلة تمكين النساء  في الإمارات مُلهمة إلى أبعد المقاييس، لتتحوّل إلى مثال يُحتذى به ونموذج يُمكن تطبيقه نظراً لمدى نجاحه. فعلى صعيد التمكين الاجتماعي والاقتصادي للمرأة الاماراتية، أصدرت الحكومة الإماراتية عام 2012  قراراً يلزم بعضوية المرأة الإماراتية في مجالس إدارة الهيئات، والشركات، والمؤسسات الاتحادية. مع العلم بأنّ الإمارات تحتل المركز الأول إقليمياً و18 عالمياً في مؤشر الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين.
  • وتعود كل هذه الإنجازات إلى البيئة التشريعية المناسبة والداعمة للمرأة وحقوقها لتحقيق تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة. إلى جانب دور مؤسسات تمكين المرأة وعلى رأسها الاتحاد النسائي العام الذي كان له الدور الأبرز في رحلة تمكين النساء وبناء قدراتها في مختلف المجالات.
  • وكان للتمكين السياسي حصة كبيرة من الجهود المبذولة، فصدرت العديد من القرارات التاريخية. إذ نجحت  الإمارات في التحوّل إلى نموذج عالمي مُلهم بفضل قرار الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات، برفع نسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي إلى 50%.
  • كما باتت المرأة الإمارتية حاضرة في التشكيل الوزاري الذي يتضمن 33 وزيراً، من بينهم 9 نساء. كما حرصت الإمارات على تعزيز مشاركة المرأة في مجالات العمل الدبلوماسي، إذ تصل نسبة موظفي وزارة الخارجية والتعاون الدولي بدولة الإمارات من النساء إلى حوالي 49.5%.
  • وامتدت رحلة تمكين المرأة إلى الفضاء أيضاً وعالم العلوم والتكنولوجيا أيضاً. فوصلت نسبة مشاركة المرأة الإماراتية على سبيل المثال في "مسبار الأمل" الإماراتي إلى مدار كوكب المريخ، إلى 34% من فريق العمل و80% من الفريق العلمي الخاص به.

 

9 نساء عربيات  على قائمة بي بي سي للنساء الملهمات لعام 2022

تُعتبر إنجازات الفتيات والنساء العربيات عالماً قائماً بحد ذاته، حيث لمعن في مُختلف المجالات ليتحوّلن إلى قدوة حقيقية ويصلن إلى العالمية أيضاً. فعلى سبيل المثال، تضمنت القائمة التي كشفت عنها بي بي سي وتضم 100 امرأة من الأكثر تأثيراً وإلهاماً حول العالم لعام 2022، 9 نساء مُلهمات من المنطقة العربية.

 

فتحدث القائمة عن إنجازات كثيرة لشخصيات مثل لينا أبو عاقلة، الناشطة في مجال حقوق الإنسان من فلسطين، جهاد حمدي وهي طبيبة أسنان وناشطة مصرية في مجال حقوق الإنسان ولاعبة التنس التونسية أنس جابر. بالإضافة إلى قصص نجاح سائقة السباقات السعودية ديما الجفالي والعداءة السورية ديما الاكتع. مع العلم بأنّنا خصصنا في موقع "يومياتي" هذا العام سلسلة مقالات سردنا عبرها قصص نجاح تلك النساء وغيرهن بالطبع في أكثر من مجال. 

 

جرائم قتل وتعنيف النساء مستمرة

أظهرت دراسة صادمة قام بها مكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة أن أكثر من خمس نساء أو فتيات قُتلن في المتوسط كل ساعة على يد أحد أفراد أسرهن في عام 2021.

ويبدو أنّ ظاهرة قتل النساء والفتيات قد وصلت إلى ذروتها في العالم العربي بالسنوات الأخيرة. فعلى سبيل المثال، رصد تقرير سنوي لمؤسسة إدراك للتنمية والمساواة 296 جريمة قتل ضد النساء والفتيات في العام 2021 لوحده. مع العلم بأنّ هذه النسبة كانت أعلى في عام 2021 مقارنة بعام 2020، وهو مؤشر خطر من دون شك.  علماً أن تقرير العام 2020 سجّل 165 جريمة ما يعني أن معدل قتل النساء تضاعف في البلاد.

ولا تتوقف جرائم قتل النساء على مصر فقط، فقد قدّرت منظمة هيومن رايس ووتش عام 2016 وقوع ما بين 15 إلى 20 جريمة شرف سنوياً في الأردن.

ويشير تقرير لجمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" إلى ارتفاع نسبة جرائم القتل الأسرية عام 2022 عن الأعوام السابقة، وزيادة غير مسبوقة منذ عدة سنوات، حيث ارتفعت نسبة جرائم القتل داخل الأسرة عام 2022 عن عام 2021 بنسبة 94%، إذ ارتفعت من 18 ضحية إلى 35. أمّا في بيانات مجموعة "فيمنيسيدز ألجيري" فحصلت 55 حالة قتل ضد النساء في الجزائر بعام 2021 فقط.

وتنسحب جرائم قتل النساء أيضاً على تونس، المغرب، لبنان والعراق وغير الكثير من دول العالم العربي التي تُعتبر "جائحة صامتة" وسط غياب الأرقام والإحصائيات الرسمية التي تُعبّر فعلياً عن هذا الواقع القاتم.

 

حقائق وأرقام تدق جرس الإنذار

يُعتبر تحقيق المساواة بين الجنسين أمر جوهري لتوفير عمل لائق للجميع. وفي هذا السياق تُظهر إحصاءات منظمة العمل الدولية أن معدل المشاركة الاقتصادية للمرأة في المنطقة العربية هو الأدنى في العالم، وهو 26% مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ 56%. فيما تتجاوز معدلات مشاركة الرجل في القوى العاملة المتوسط العالمي.

 

- كما تبلغ نسبة بطالة المرأة في الدول العربية 15.6%، وهي ثلاثة أضعاف المعدل العالمي.

- تراجعت نسبة البطالة بين الرجال في الشرق الأوسط من 10.9% عام 2000 إلى 7.8% عام 2018.

- إنّ تواجد النساء في المناصب الإدارية متدنٍ في المنطقة، إذ إن 11% فقط منهن يشغلن مناصب إدارية مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ 27.1%.

- إنّ العمل غير المأجور في رعاية الأطفال يجعل المرأة تنفق عدداً من الساعات يزيد بنحو خمس مرات عما ينفقه الرجل في أعمال الرعاية غير المأجورة.

- حققت النساء والفتيات في الدول العربية نسبة أقل في التنمية البشرية 14.4% من الرجال على مدى السنوات العشرين الماضية، بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الدول العربية.

- إنّ الحواجز القانونية والتجارية التي تحول دون التحاق المرأة بالقوى العاملة في المنطقة تتسبب في خسائر تقدر بنحو 27% من الدخل، بحسب بيانات مجموعة البنك الدولي.

 

ماذا عن مجال التعليم؟

يبدو أنّ مجال التعليم الذي يُعتبر جوهرياً كان من بين أبرز المجالات التي شهدت تطوراً على صعيد دخول النساء إليها. فكشفت إحصائيات البنك الدولي لدول الشرق الأوسط أنّ نسبة التعليم قد وصلت إلى 87.7% في عام 2018. في وقت سجلّت هذه النسبة زيادة مقارنة بعام 2000، حيث بلغت نسبة التعليم 81.3%.

لكن على الرغم من هذا التقدم في ساحة التعليم، إلا أنّ هذا الأمر لم يُقابله بالضرورة زيادة فرص النساء في سوق العمل. وهذا ما تُؤكده نسب البطالة المُسجّلة في صفوف النساء بمنطقة الشرق الأوسط.

وإلى جانب التعليم، من المهم التطرق إلى مسألة الزواج المُبكر في العالم العربي. إذ قدرت منظمة الامم المتحدة للمرأة نسبة الفتيات العربيات المتزوجات أقل من 18 عاماً بحوالي 14%.

 

 

ماذا نستنتج إذاً؟

في وقت تُشكّل النساء ما يُقارب الـ 49.7% من إجمالي عدد سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا يُمكن نفي وتناسي التقدم الذي حققته النساء في سد الفجوة بين الجنسين على صعيد  الصحة، والتمثيل السياسي، والمشاركة في ميدان العمل والعمل المناخي وغيرها من المجالات.. لكن لا تزال هناك الكثير من العراقيل التي يجب مُعالجتها والعمل عليها. فالحلول مُمكنة عبر تضافر الجهود بين الحكومات والمؤسسات وهيئات المجتمع المدني والدولي حتّى.

 

لقد أثبتت المرأة مراراً قدرتها على العطاء والتميّز في مختلف الميادين والوصول إلى أعلى المراكز القيادية. لكن لا تزال معركتنا لتحقيق المساواة بين الرجال والنساء في بداياتها، فالطريق أمامنا طويل وشاق. فسيبقى كل شيء ناقصاً من دون مشاركة المرأة الحقيقية وفتح المجالات أمامها لتُحقق كل طاقاتها وإمكاناتها.

 

من المهم أن يكون اليوم العالمي للمرأة فرصة لنا جميعاً لنفرح ونفتخر بكل ما نقوم به كنساء. وأن يُشكّل أيضاً فرصة لنفتخر بإنجازات كل سيدة وفتاة عربية في منطقتنا، كافحت وناضلت وسعت وراء حلمها! 

  

إقرئي أيضًا:

قصة نجاح السعودية شهد الشهيل التي وصلت إلى العالمية

scroll load icon