هل الحب يعني تقديم القلب والروح للطرف الآخر؟

أظهرت دراسة أن مصطلح "الروح" يشير إلى شيء أكبر من "القلب"، فبينما يركّز القلب على الحب والمشاعر بشكلٍ عام، فتشير الروح إلى شخصية الإنسان في مجملها وحياته بشكلٍ عام. فمن غير الواضح بالضبط ما نعنيه عندما نقول إننا نعطي قلوبنا أو أرواحنا للآخرين، وكيف يمكن أن نقدم شيئا هو جزءاً أساسياً منا.

 

ويرى البحث أنه من الضروري توضيح طبيعة هذا العطاء في ضوء النماذج الثلاثة للعلاقات العاطفية، وهي "الاهتمام"، "الانصهار"، و"الحوار"، فيما يمكن النظر إلى ثلاثة أنواع مختلفة من العطاء العاطفي: كالعطاء من جانب واحد، والانصهار التام، والعطاء الذي يطوّر ويثري شخصيتنا.

 

 ويكشف البحث أن النموذج الأول للحب، وهو الاهتمام، يعد النموذج السائد للحب، فمع التسليم بأهمية الاهتمام بالطرف الآخر، إلا أنه يركز على تضحيات يقدمها طرف لآخر، حتى وإن كانت على حسابه وراحته. وأضاف في ظل انتشار نموذج الحب من جانب واحد ما تزال مجتمعاتنا تميّز بين الجنسين، وغالباً ما تكون المرأة هي الطرف المحب المضحّي من أجل إنجاح العلاقة مع شريك حياتها.

 

النموذج الثاني للعلاقات العاطفية: "هو الانصهار الذي يعدّ تنازلاً من أحد الطرفين عن استقلاله الشخصي، ليصبح الزوجان شخصاً واحداً، ويصبح الاندماج الكامل هدفاً ورغبة بين الجانبين. وغالباً ما يتم فهم مثل هذا الارتباط بأنه يمثل هويةً واحدة مشتركة، ليصفه الفيلسوف اليوناني "أرسطو"، بأن كل فرد من البشر هو نصف يبحث عن النصف الآخر المفقود، لكي يصبح كياناً كاملًا مرة أخرى.

 

 النموذج الثالث، هو الحوار لتطوير ذواتنا من خلال العطاء المتبادل، حيث يعتبر أن الأنشطة والخبرات المشتركة يجب أن تكون في مركز علاقة الحب، فإسهام التواصل بالحوار في تطور طرفي العلاقة، فضلاً عن نمو وتطور العلاقة بين الجانبين. فعندما تحب شخصا ما، فإنك تقوم بتطوير ذاتك من خلال التفاعل بشكلٍ وثيق مع طرفٍ آخر. ويقتصر العطاء في هذا النموذج على المعاملة بالمثل.

 

ووفقاً لمجلة "سايكولوجي توداي" البريطانية التي نشرت الدراسة، فإن نمو وتطور الشخصية بشكلٍ عام، يأتي من خلال تعامل الأشخاص مع وجهات النظر وهويات الآخرين، وبذلك تنمو مداركهم وتتطور شخصياتهم، وبالمثل فإن التفاعل مع شريك الحياة يساعد على تطور هوية كل طرف ونضج وجهات النظر الخاصة به. وبهذا المعنى، فإنه لا يعد تطوير وتنمية الذات أمرا أنانياً، مشددةً على أن هذا النموذج من الأخذ والعطاء يلعب دوراً أساسياً في الشعور بالانتماء، من خلال رؤية كل طرف للآخر باعتباره جزءاً لا غنى عنه.

 

 وتختتم المجلة البريطانية تحقيقها قائلة، "تنطوي علاقة الاهتمام على عطاءٍ من جانبٍ واحد وغالباً ما يكون غير محدود، وعلاقة الانصهار المتبادل تشمل العطاء بلا حدود بكل من القلب والروح، فعلاقة الحوار تعني التطور المتبادل والعطاء المقيّد من القلب وأحياناً من الروح لكن بشروط".

scroll load icon