دماغنا يجعلنا نأكل في الليل!

 

نستفيق بعد منتصف الليل، وفجأة نجد أننا أمام البراد حائرين ماذا نريد أن نلتهم من مأكولات.

نحتار فيما بعد بتفسير السبب. لأننا تناولنا العشاء، ولم نحرم نفسنا من طعام المساء. لا سبب جسدي فعلي يجعل دماغنا "يطنطن" كي نستفيق ونأكل.

بل نلتهم الطعام التهاماً، بشراهة وشعور بالضعف.

 

 احتار العلماء واختصاصيو التغذية بهذه الظاهرة لأمد طويل. ووضعوا عدة احتمالات:

1- لم نتناول طعام العشاء

2- إننا نخضع لنظام غذائي صارم يدفعنا إلى التعويض بعد منتصف الليل لأن جسمنا يحتاج إلى الغذاء

3- نحن من النوع الذي يميل إلى الأكل ليلاً

4- اقتراب العادة الشهرية عند المرأة

5- في مطبخنا ما لذّ وطاب، فانسرقنا إلى تناول ما أمامنا

 

خطأ ثم خطأ

 

ما أذهل الدارسون على مدى طويل، أن كل هذه الحجج خاطئة. فالتجارب التي نفذت على العديد من الأشخاص أثبتت أن السبب ليس هنا.

إذاً، هناك سبب آخر لا بد من معرفته، قد يكون متعلّقاً بأعصاب الدماغ وبالرسائل التي يعطينا إياها دماغنا حين نستفيق بعد منتصف الليل.

والمدهش، أن هذا كان صحيحاً بحسب دراسة أجراها فريق من جامعة Brigham Young University.

 

وضعوا 15 امرأة تحت التجربة، وأجروا عليهنّ فحص التصوير الرنيني الطبقي MRI، لمرتين في اليوم، مرة في الصباح الباكر، ومرة في المساء.

مرروا صوراً لتلك النساء، منها صور لمأكولات صحية، وأخرى لمأكولات الـ Junk food، المشبّعة بالدهون. وراقبوا نشاط أعصاب الدماغ التي تعطي الشعور بالكفاية.

المفاجأة كانت أن لا تغيير في نشاط هذه الأعصاب حيال نوع الأطعمة، ولكن شهدت الفترة المسائية نشاطاً أكبر لأعصاب الدماغ.

وقالت النساء الخاضعات للتجربة، أنهن يتمكنّ من تناول الطعام مساء وليلاً بقدر أكبر من الصباح.

لم تكن تلك النساء اللواتي خضن التجربة العلمية، جائعات، ولكن الاستجابة لأي نوع من الطعام تكون أكثر نشاطاً في الدماغ مساءً.

 

توازن الهورمونات

 

هنا، بدأت الحقائق تنكشف. المسألة لا تتعلق بالجوع، ولا بنوع الطعام. إذاً، هناك رسالة خاطئة تدفعنا إلى التهام الطعام ليلاً بما أن جسمنا لا يحتاج الطعام، وليست نوعية الطعام هي التي تجذبنا إلى الأكل.

إنه الدماغ... ففي الليل حين نستفيق، كما في المساء، يكون الدماغ في جزئيته التي تحقّق التوازن في مرحلة النوم.

 

صحيح أننا استفقنا، وصحيح أننا لا نزال مستيقظين مساءً، ولكن هذه الجزئية تعبة ونائمة. فالتوازن بين ما يحتاجه جسمنا فعلاً من طعام وما لا يحتاجه، مفقود.

نستفيق بعد منتصف الليل، نتبلّغ رسالة خاطئة من أعصاب الدماغ تقودنا إلى المطبخ مباشرة.

نمدّ يدنا إلى الطعام، نأكل. لا نشعر بالاكتفاء. لا تزال هذه الجزئية في الدماغ مطفأة. نلتهم ما أمامنا.

 

إذاً، ليس السبب قالب الكاتو الشهي الذي وضعناه في البراد، ولا أي نوع آخر من المأكولات. مرتكب الجريمة هو دماغنا برسالته الخاطئة.

scroll load icon