لماذا لا نتذكر لحظات طفولتنا؟

لماذا لا نتذكر لحظات طفولتنا؟

محتويات

هل تساءلتِ يوماً لماذا لا يمكن ان تتذكري لحظات طفولتكِ وتفاصيل حياتكِ الأولى؟ هذا بالفعل مؤسف، فمعظمنا لا يتذكر الكثير من مرحلة طفولته فما السبب وراء ذلك؟ تابعي هذا المقال لتعرفي المزيد عن هذا الموضوع.

 

 ما هي أنواع الذاكرة؟

في البداية من المهم أن تعرفي أنّ هناك أنواع مختلفة من الذاكرة لدينا. فعلى سبيل المثال عند كتابة أي نصّ أو كلمة يستخدم العقل الذاكرة الإجرائية التي هي شكل من أشكال الذاكرة الحركية. فالأصابع تعرف كيفية كتابة أي كلمة. في المقابل، الذاكرة الدلالية تسمح لنا أن نتذكر الحقائق. أما الذاكرة العرضية تشمل قدرتنا على تذكر تجاربنا الشخصية وتعتبر هي الأكثر ملائمة لفهم ذكريات طفولتنا، وبإمكانها استرجاع تفاصيل مختلفة من الأحداث التي حصلت معنا وكيف شعرنا ببعض المواقف القديمة.

 

لماذا ننسى لحظات طفولتنا؟

تحدث عالم النفس الشهير سيغموند فرويد قبل أكثر من مئة عام عن "فقدان الذاكرة الطفولي" (Childhood Amnesia) وهو عدم القدرة على استرجاع أي من ذكرياتنا العرضية قبل الفترة من 2-4 سنوات. كما تحدث عن احتفاظنا فقط بعدد صغير للغاية من الذكريات عن الفترة من 4- 10 سنوات. فالأطفال أيضا لا يتذكرون ما حدث قبل الثالثة؛ فكل شيء قبل سن الثالثة عبارة عن فجوة مظلمة.

لقد افترض فرويد في نظريته الجنسية أن سبب هذا الأمر يعود إلى كبت الطفل لذكرياته الجنسية عن تلك المرحلة. وفسّر فقدان الذاكرةّ الطفولية بأنّ هذه الذكريات تتعرض لنوع من القمع بسبب طبيعتها الجنسية والصدمة. وعلى الرغم من أن العلماء قد استبعدوا فكرة فرويد بشأن هذه المسألة، إلا أنه لا يوجد إجماع حول أصل فقدان ذاكرة الطفولة رغم كثرة وتعدد النظريات.

 في المقابل، كانت أواخر ثمانينيات القرن العشرين محطة فارقة في علم نفس الطفل، فبدأت الاختبارات والدراسات عن ذاكرة الطفل. واتضح أن ذكريات الأطفال ذوي الثلاث سنوات فأصغر تستمر معهم، لكن يحدث ذلك بوجود بعض القيود. فعلى سبيل المثال،  عندما يبلغ الرضيع شهره السادس تدوم ذكرياته لمدة يوم واحد على الأقل، وحين يبلغ شهره التاسع تدوم شهرًا. أما عند بلوغه سنتين، فإنّ ذاكرته تدوم عامًا.

وفي دراسة تاريخية في العام 1991، وجد الباحثون أنّ الأطفال ذوي الأربعة أعوام ونصف يستطيعون استدعاء ذكريات مفصلة عن رحلتهم إلى مدينة ملاهي "عالم ديزني" قبل سنة ونصف. لكنّ كل واحد منهم قد بدأ ينسى كثيراً حين وصل إلى سنته السادسة من هذه الذكريات المُبكرة.

 وتشير بعض الأدلة إلى أنّ الأطفال الصغار لا يملكون ذاكرة عرضية لكنّها تبدأ بالتشكل في مرحلة لاحقة. فعلى سبيل المثال، يمكن لطفل يبلغ من العمر ست سنوات أن يتذكر الأحداث التي حصلت قبل عيد ميلاده الأول، ولكن مع تقدمه في العمر يبدأ بنسيانها. وبمعنى آخر، يمكن للأطفال الصغار أن تحتفظ بذكرياتها لكن هذه الذكريات تتلاشى وتضعف عادة بعد سن معينة أو مرحلة من مراحل نمو الدماغ.

 

لغز فقدان ذكريات الطفولة

تناول موقع "بي بي سي" لغز فقدان ذكريات الطفولة، وأشار إلى أنّ عملية تدريب عقول الرضع تبدأ حتى قبل خروجهم من الرحم. كما يمتص الأطفال المعلومات الجديدة ويطورون مهارات تعلم اللغة... وبالتالي فإنّ تفسير فقدان ذاكرتهم قد يكون مرتبطاً ببساطة بالعملية الطبيعية المرتبطة بنسيان الأمور التي تصادفنا في حياتنا.

ولقد توصّل إلى هذه النتيجة عالم النفس الألماني "هيرمان إيبينغوس"، بعد القيام بأبحاثٍ معمّقة على نفسه. ففي البداية ابتكر هذا العالِم فكرة "المقاطع التي لا معنى لها"، وهي عبارة عن كلماتٍ مؤلفة من حروف عشوائية مثل "كاغ" و"سلانز" وانطلق في محاولة حفظ الآلاف منها. وأظهر الرسم البياني الذي رسمه إيبينغوس تراجعاً سريعاً في قدرتنا على تذكر الأشياء التي تعلمناها. أي بمعنى آخر، عند إهمال تلك الأمور التي تعلمناها حديثاً، يقوم الدماغ بالتخلص من نصفها تقريباً في غضون ساعة، وفي اليوم الثلاثين ترسخ في ذاكرتنا فقط من 2 إلى 3% من تلك الأشياء.

 وتحدد ثقافتنا كذلك الطريقة التي نتحدث بها عن ذكرياتنا، حيث يقول بعض علماء النفس إن هذه الذكريات تأتي فقط عندما نتقن القدرة على الكلام. ويبدو بعض علماء النفس متشككين في أن ذلك يلعب دوراً كبيراً. وهذا بالتالي يأخذنا إلى النظرية القائلة إننا لا نستطيع تذكر سنواتنا الأولى ببساطة، لأن أدمغتنا لم تطور بعد من بنيتها الضرورية للاحتفاظ بهذه الذكريات. فربما عندما كنا صغاراً جداً لم يكن الهيبوكامباس قد تطور لدى الأشخاص بشكل كاف لكي يبني ذاكرة غنيّة لأي حدث من الأحداث.

 

الذكريات الأولى وهم!

  • يبدو أن 40% من الأشخاص الذين يعتقدون أنهم يتذكرون حدثا معينا من العامين الأولين في حياتهم، قد تصوروا الأمر بشكل خاطئ إثر مشاهدة صور أو سماع ذكريات الآخرين.
  • وفي أكبر دراسة على الإطلاق حول الذاكرة المبكرة ونشرت في Psychological Science في العام 2018، تم استجواب 6641 شخصا حول أولى ذكرياتهم. وقال الباحثون إن 60% من الذكريات الأولى كانت من متوسط عمر 3.24 سنة، ليتطابق ذلك مع البحوث التي تظهر بدء فترة تطوير القدرات العقلية لتشكيل الذكريات.
  • لكن حوالي 39% من الأشخاص، البالغ عددهم 2487، زعموا أنّ لديهم ذكريات من العامين الأول والثاني من حياتهم. وادعى 893 منهم أن ذكراهم الأولى تعود إلى عامهم الأول. وشملت هذه الذكريات "المشي للمرّة الأولى" و"أول كلمة نُطقت".
  • وقال باحثو الدراسة أنّه بالنسبة لكبار السن، يمكن تفسير الذكريات المبكرة المستحيلة بالحاجة إلى "استكمال" قصة حياتهم بالعودة إلى سنواتهم الأولى.
  • وفي تحليل للذكريات، أوضح الباحثون أن 52% من التي تعود إلى أقل من سن الثانية، كانت تتمحور حول "الاستلقاء في عربة الأطفال". بالإضافة إلى ذلك، وجدت هذه الدراسة أن 30% من الذكريات كانت متعلقة بالعلاقات العائلية، بينما تذكر 18% من المشاركين مدى "الشعور بالحزن".
  • وبالنسبة إلى "الذكريات المحتملة" التي تتجاوز سن الثانية، تذكر 20% منهم ألعابهم، كما تذكر 16% ولادة أحد الأخوة، في حين استرجع 15% من المشاركين لحظات معينة من المدرسة، وتذكر 11% العطلات المختلفة.
  • وقال البروفيسور مارتن كونواي، من جامعة لندن، والمشارك في البحث: "هناك مثال نموذجي يعتمد على الذاكرة القائمة على عربة الأطفال. وبالنسبة لهذا الشخص، يمكن أن ينتج هذا النوع من الذاكرة عن تحدث شخص آخر عن أم تجر عربة أطفال كبيرة. وبمرور الوقت، تصبح هذه التفاصيل ذاكرة".
  • وأضاف موضحاً أنّ "الشخص الذي يتذكر مثل هذا الحدث لا يعرف أنه خيالي، ونحن نشكل ذكريات شبيهة بالبالغين بعد تجاوز سن الخامسة أو السادسة، بسبب الطريقة التي يتطور بها الدماغ".

 

 

إقرئي أيضاً:

 خبراء لغة الجسد يكشفون مواقف مشابهة بين كيت ميدلتون والأميرة ديانا

scroll load icon