ما هي العبارات التي تتلفّظين بها أمام ابنتك؟
لعباراتنا وقع كبير على حياتنا وعلى حياة أبنائنا.
فالعبارات التي نتلفّظ بها سرعان ما يمتصّها أبناؤنا وتتحوّل من مجرّد كلمات إلى طريقة تفكير ونمط حياة.
مع انتشار موجة عدم الرضا عن الذات وعن المظهر الخارجي، باتت الكثير من الأمهات تعتمدن النقد الذاتي والحوار الذاتي المدمّر في كافة المناسبات إن كان بداعي المقارنة مع الغير أو بسبب عدم القدرة على تقبّل مظهرهن الخارجي، أو تقدمهن بالعمر أو حتى مستوى الحياة التي ينعمن به.
إن خطورة هذه الظاهرة لا تنعكس على المرأة نفسها وحسب وعلى نظرتها لنفسها ولجسدها بل على ابنتها لاسيما عندما تكون معظم هذه الأحاديث تجري أمام الفتيات الصغار والمراهقات.
ما هي أهم العبارات التي يمكن أن تتلفّظ بها الأم وأن تؤذي الفتاة الصغيرة والمراهقة؟
هل ترددين دوماً أنه ليس لديم ما يكفي من الملابس وأن لا شيء مما تملكينه يروق لك ويليق بكِ؟
- عندما تستيقظين صباحاً وتنظرين إلى نفسك في المرآة، هل ترددين عبارات مسيئة تنمّ عن عدم الرضا عن وجهك وعن بشرتك من دون الانتباه إلى أن ابنتك بقربك أو من حولك تستمع إلى هذا النقد الذاتي؟
- عندما تقومين بقياس وزنك وتلاحظين أنك لم تتخلّصي من الوزن الزائد، هل تبدأين بإلقاء الملامة على ذاتك وباستخدام العبارات الجارحة لوصف جسمك ومظهرك الخارجي؟
هل تتحدثين طوال الوقت عن عدم الرضا عن الذات، وعن الخوف من الشيخوخة والتجاعيد؟
- عندما تحاولين اختيار ملابسك قبل الخروج إلى أي مكان، هل ترددين دوماً أنه ليس لديم ما يكفي من الملابس وأن لا شيء مما تملكينه يروق لك ويليق بكِ وبأن الأخريات سيظهرن بأبهى حلّة وبملابس أفضل من ملابسك؟
- عندما تتحدثين مع صديقاتك أو مع شقيقاتك ووالدتك، هل تتحدثن طوال الوقت عن عدم الرضا عن الذات، وعن الخوف من الشيخوخة والتجاعيد وعن اللجوء إلى عمليات التجميل من أجل المحافظة على الشباب الدائم؟
- عندما تتناولين وجبات الطعام في المنزل أو في المطعم، هل تسألين دوماً عن السعرات الحرارية وعن ضرورة القيام بحمية سريعة والهرولة إلى النادي الرياضي من أجل خسارة ما كسبته من وزنِ زائد؟
إن كافة هذه الحوارات والعبارات التي تستخدمينها تؤثّر بشكلٍ سلبي على ابنتك وعلى صورتها لذاتها. فهي عندما تسمعك ترددين هذه الأحاديث بهذا الشكل السلبي، سينمو لديها تلقائياً عدم الرضا عن وجهها وبشرتها وجسمها وبالتالي الخوف الدائم من التقدّم بالعمر.
فليكن حب الذات العامود الأساسي في نظرتك لذاتك وفي طريقة تربيتك لابنتك.
إن الحب غير المشروط الذي تمنحينه لنفسك أمام ابنتك هو القدوة المثالية التي تحتاج أن تراه وتتمثّل به.
- فليكن حب الذات العامود الأساسي في نظرتك لذاتك وفي طريقة تربيتك لابنتك.
- عند الشعور بعدم الرضا عن مظهرك الخارجي، لا تسارعي في ترداد العبارت المؤذية. فأنتِ وابنتك بحاجة دائمة للحافز الإيجابي مع الوعي الدائم بأن الشكل الخارجي ليس المعيار الوحيد والأوحد للجمال. ابنتك بحاجة لأن تدرك بأن جمال المرأة لا يتوقف على شكل محدد ووزن معيّن.
- الزنّ الدائم حول عدم توفّر الملابس الكافية، سيعزز تلقائياً غياب القناعة عند ابنتك. فأنتِ المثال الذي تتماهى به وتحاول تقليده. استبدلي التركيز على القّلة وعلى الملابس كجوهر أساسي لإبراز الجمال، بالتركيز على الوفرة وعلى أهمية استخدام الملابس كمكمّل لإبراز أنوثة وجمال المرأة. ولا تنسي أن هناك العديد من الطرق المبتكرة لتنسيق ملابسك من خلال مزج الألوان واستخدام الأكسسوارات. فالحل ليس بالتسوّق الدائم والإكثار من الملابس.
اشرحي لابنتك أن التقدم بالعمر أمر بديهي وأن المرأة تزداد نضجاً وجمالأ ورونقاً في كل مرحلة من حياتها.
- الحديث الدائم مع الصديقات والأقارب حول الخوف من التقدم بالعمر واللجوء إلى عمليات التجميل كحلّ بديل، سينقل المخاوف نفسها لابنتك التي ستبدأ مراهقتها مع هذا الهاجس المؤلم. لا تسمحي أبداً بإجراء هذه الأحاديث أمام ابنتك وبناتك صديقاتك. ابتعدي قدر الإمكان عن هذه المواضيع غير المجدية. اشرحي لابنتك أن التقدم بالعمر أمر بديهي وأن المرأة تزداد نضجاً وجمالأ ورونقاً في كل مرحلة من حياتها.
- الهوس بالحميات الغذائية وبالوحدات الحرارية، لن يساعد ابنتك إلا على حذو حذوك في عمر مبكر في الوقت الذي هي بأمس الحاجة إلى التغذية الصحيحة للنمو الصحيح. استبدلي مخاوفك بالتركيز أكثر على أهمية التغذية المناسبة والنمط الصحي والسليم. لا تنقلي لها هذا الهوس بالحمية. علّميها أن الحياة المتوازنة تحتاج للغذاء الصحي والرياضة وأن المرأة عُرضة للتبدّل الدائم في جسمها بسبب المراحل المختلفة التي تمر بها بدءاً من مرحلة البلوغ مروراً بالأمومة والولادة والرضاعة وصولاً إلى انقطاع الدورة الشهرية. فالتقبّل الحقيقي لكافة هذه التغييرات هو ما تحتاجه المرأة من أجل أن تحب ذاتها وأن تواكب تغييرات جسمها بكافة مراحله.
تحتاج ابنتك للشعور الدائم بالأمان وبالحب اللذان يبدأان وينطلقان من المنزل ومن التربية ومن العبارات المحفّزة التي تسمعها منك قبل الخروج إلى العالم.
في الوقت الذي تكبر به بناتنا تحت ضغوطات وسائل الإعلام التي تروّج للشكل الأجمل والأنسب والأمثل للمرأة، وفي الوقت التي تُستخدَم وسائل التواصل الاجتماعي بين المراهقات من أجل المقارنة والتنمير والسخرية، تحتاج ابنتك للشعور الدائم بالأمان وبالحب اللذان يبدأان وينطلقان من المنزل ومن التربية ومن العبارات المحفّزة التي تسمعها منك قبل الخروج إلى العالم.
إذا أردتِ اليوم التخفيف من حدة الانتقادات الدائمة للشكل والوزن والوجه والمظهر الخارجي، بادري بالحد منها بدايةً من خلال النظر إلى نفسك في المرآة بطريقة أكثر إيجابية ومحفّزة لك ولابنتك.
أحبّي نفسك اليوم وتقبلّي ما أنتِ عليه بإيجابية.
ابتعدي قدر الإمكان عن الأحاديث المدمّرة لثقة بذاتك كامرأة.
استعيضي عن البرامج التلفزيونية والمجلّات والمواقع التي تركّز على المظهر الخارجي بالكتب المحفّزة على حب الذات، بالبرامج الحوارية المعززة لطاقات المرأة وبالمواقع التي تبث صوراً حقيقية للمرأة بعيداً عن تقنية الفوتوشوب التي تصوّر المرأة بجسد مثالي طوال الوقت.
أحبّي نفسك اليوم وتقبلّي ما أنتِ عليه بإيجابية. حتى لو أردت التغيير والإنقاص من وزنك وتبديل مظهرك الخارجي، فلتكن تلك الخطوات نابعة عن حب وعن رضا وليس مجرّد قصاص وعبء لمجاراة الموضة الرائجة.
إن أسلوبك الخاص وحبك لذاتك وتقديرك لأنوثتك بشكل غير مشروط سيغيّر تلقائياً من نظرة ابنتك لكِ ومن نظرتها لنفسها ولقدراتها وأنوثتها.
كوني المرآة الحقيقية لابنتك لتتمكن من النظر إلى مرآتها بحب وقناعة!
ميراي حمّال قصير
معالِجة بالطاقة – مدرّبة على التفكير الإيجابي وحب الذات.