أرواح النساء المعنّفات العربيات تصرخ من الجانب الآخر: كفّوا أياديكم عنا
محتويات
"حان الوقت كي تتعلّمي الطهي، وتنظيف المنزل وتتحضّري للقاء فارس أحلامك".... "لماذا تتغنجين عندما يتقدّم لكِ أحدهم؟ " "ستصبحين عانساً، والمجتمع لن يرحمنا". "ماذا سنقول للأقارب؟ لماذا ابنتنا لم تتزوج بعد؟ "
نعم، في القرن الحادي والعشرين، هذه الجمل المفاتيح موجودة في كلّ أسرة لديها فتاة يافعة في عمر الزواج أو قبله حتى....
فكرة الأمومة تراود كلّ إمرأة منذ مراحل طفولتها، تبدأ عندما تحمل طفلتها الدمية، تطعمها وتغسل ملابسها وتغني لها كي تنام. الأمومة وتكوين عائلة وإدارة منزل حقّ لكل إمرأة، ومطلب، بل هو حاجة منصوص عليها في كافة الأطر الإنسانية، القانونية، الجندرية، العاطفية، والعائلية. متفقون هنا. لكن هل تتطلّب هذه الحاجة وهذا الحقّ أن تدفع المرأة ثمناً باهظاً من صحتها النفسية والجسدية؟ هل يجب عليها أن تتحمّل التعنيف اللفظي والجسدي كي تقول: شاهدوني أنا أمّ؟ هل تستدعي هذه الغريزة كلّ التضحية ونسيان النفس وخذلان الكرامة؟
لنقرأ سوياً ما هو التعنيف الأسري ونعرض بعضاً من أقوى حالات التعنيف في العالم العربي:
عن صرخات أحلام وكابوس إسراء ووجع منال
قضايا التعنيف تتضمن حالات مُبكية، مجرّدة من الإنسانية والروح، هي وحش يلتهم فريسته بدون رحمة، لا تردعه دموع، ولا يوقفه صراخ مؤلم ضعيف.
أحلام
إستيقظ الأردنيون السبت الماضي على صرخات أحلام، الثلاثينية، التي قتلها والدها وشرب الشاي فوق جثتها، بحسب شهود عيان. وقد سمع الجيران صراخ الشابة أحلام وكانت تركض في الشارع والدماء تسيل من رقبتها. أوليس الأب هو المسؤول الأول عن حماية إبنته؟ كيف للحارس أن يتحوّل إلى خاطف الروح؟ لو كانت أحلام متزوجة وتتعرّض للعنف، كانت لتركض باكية شاكية رامية نفسها بحضن والدها كي ينتقم لها. كم هي شنيعة الجريمة، بل الجريمتان.... جرم القتل وصفة القاتل.
صرخات أحلام الأردنية في الفيديو كافية لإطلاق صرخة جديدة صادحة مكسّرة كل الحواجز والعادات البالية: كفّوا أياديكم عن النساء، توقفوا عن ضربهن. فيديو حضرت منه خمس ثوان. لا أعتقد أنّك استطعتِ المشاهدة أكثر، إن كنتِ مثلي تؤمنين بضرورة وقف العنف والضرب والوجع.... أقصد إن كنتِ مثلي إنسانة. أب يقتل ابنته ويحتسي الشاي. كنتُ تقبّلت لو أنّك تحت تأثير المخدّر، كنتُ قلت فقدت صوابك (وطبعاً الحجة هنا ليست للتبرير)، لكنك تحتسي الشاي يا رجل على رائحة دم ابنتك؟ مجرم، وقاتل، وفاقد لقب الأبوة بحقّ أنت.
هاشتاق #صرخات_أحلام تصدّر مواقع التواصل منذ أيام. الجميع إستنكر ورفع الصوت، لكن كم مُعنّف شارك بالهاشتاق ولعب دور المدافع عن حقوق المرأة وحاميها؟ هنا السؤال.
إسراء
صوت إسراء الغريّب العام الماضي من الأصوات التي لن أنساها؛ صراخ مع نداء إستغاثة: أنجدوني من أيادي الشر، أنا أتألم، أنا أصارع الحياة الموجعة بوجع أكبر... وجعي سببه عائلتي وأمي صامتة.
إسراء الفلسطينية (21 عاماً) لاقت حتفها بسبب تعنيف أسرتها نفسياً وجسدياً. ضربوها حتى لقطت أنفاسها الأخيرة بحسب تحقيق فلسطيني رسمي. طبيب التشريح ومعدّ التقرير أشرف القاضي، قال إنّ وفاة الفتاة جاءت "نتيجة القصور الحاد في الجهاز التنفسي نتيجة لمضاعفات الإصابات المتعددة التي تعرضت لها".
منال
منال اللبنانية، رحلت بوجع صامت.... تعرّضت لتقطيع في جسدها، هذه المرأة التي تستحق بدل السكين وردة. طُعنت مرتين. مرّة من زوجها بسبب شكّه غير المبرّر وغير الموزون، ومرّة أخرى من إتهامات المجتمع. منال رحلت بدون تسجيل فيديو للحظات قتلها. منال، التي استشرست شخصياً دفاعاً عنها لسمعتها الطيبة كصكّ يبريّها، ترقد بسلام اليوم بعيداً عن من أساء لها. ربّما هي في مكان أفضل، مكان تستحقه.
منال وإسراء وأحلام يتشاركن التهمة ذاتها. تهمة ذكورية رجعية مقيتة: جرائم شرف
إقرئي أيضاً: ميمونة أصغر ضحايا العنف الزوجي
جرائم شرف؟ حقاً؟
كشف النائب العام في مدينة رام الله، أنّ إسراء غريّب لم تُقتل على خلفية الشرف، ولكن بسبب الضرب والتعذيب. وكشف البعض عن أحلام بأنّ القضية جريمة شرف، وتستحق. للأسف نعم، أحدهم يستخدم مثلنا مواقع التواصل لكن لغايات إجرامية معقدة بالية وذكورية مقزّزة. الحال مع منال مدمّرة، نائب لبناني لا يفقه بقانون العقوبات قال: ربما تكون جريمة شرف.... لحظة، وهل هناك من جريمة شرف في عام 2020؟ أو هل هناك من جريمة شريفة؟ سمّوا لي أي جريمة شريفة، حتى أكون شريكة في الجرم. جسد المرأة حقّها، ملكها، لها، خاصتها... علّ الجميع يعلم؛ لا يحق لأحد أن يكون وصياً على إمرأة ولا على جسدها ولا على قلبها أو عقلها.
ما هو التعنيف الأسري؟
كي نساعدكِ لتعرفي حرفياً ما هو التعنيف الأسري، عليكِ بالإجابة على هذه الأسئلة:
- هل تشعرين بالخوف من شريككِ أو أحد أفراد عائلتك معظم الوقت؟
- هل تتجنبين بعض المواضيع خوفًا من إغضابهم؟
- هل تعتقدين أنكِ تستحقين أن تُساء معاملتك؟
- هل تتعرضين للإهانة والصراخ؟
- هل تتعرضين للتنمر والإنتقاد المتكرّر؟
- هل يتم تجاهل آرائك أو إنجازاتك؟
- هل تتعرضين للملامة جرّاء سلوك غيرك؟
- هل ينظر لكِ شريكك كممتلكات أو كائن جنسي، وليس كشريك؟
- هل تعانين من مزاج سيئ وغير متوقع؟
- هل تتعرضين للتهديد بإيذائك أو قتلك؟
- هل تتعرضين للتهديد بإبعاد أطفالك أو إيذائهم؟
- هل يتم إجباركِ على ممارسة الجنس؟
- هل يتم تدمير ممتلكاتك؟
إن كنتِ تتعرضين لعنصرين من المذكورين أعلاه، أنتِ حقاً إمرأة معنّفة، وعليكِ إيقاف ذلك. هناك جمعيات تساعدكِ، وإن تلكّأت الجمعيات، إستشيري أحداً تثقين به من أقربائك أو صديقاتك. جسدكِ أمانة، حافظي عليه، كما هي روحك لخالقها، كوني سالمة.
إقرئي أيضاً: