كيف نطرح اسئلة شخصية وهل كلّها مباحة؟
محتويات
كل المحادثات تبدأ بسؤال وتستمرّ بجواب ليقابله سؤال آخر وهكذا دواليك. لكن كم من علاقات انتهت أو تزعزعت بسبب أسئلة شخصية لم تكن في مكانها أو لم تُطرح بطريقة مرضية؟ لنطّلع في هذا المقال على فنّ طرح اسئلة شخصية, التقنيات الواجب اعتمادها, ما يجب أخذه بعين الاعتبار والطريقة الفضلى كي نسأل سؤالاً محرجاً.
هل من الخطأ طرح اسئلة شخصية ؟
على العكس, السؤال الشخصي هو طريقة رائعة ل :
- التعلّم : يفتح السؤال عامّة الفرصة أمام المرء للتعلّم من خبرات الآخرين وبناء الآراء والتطلّعات والأهداف من مجرّد سماع جواب مقنع من شخص يعني لك الكثير وتتطلّعين إليه كمثال أعلى.
- بناء العلاقات : السؤال الشخصي يقرّب الناس من بعضهم البعض, ويجعل الآخر يشعر أنه محبوب وذو قيمة بنظر طارح السؤال. السؤال الشخصي يلمس الروح بين الأصدقاء والأهل والأحبّاء.
- تجنّب سوء التفاهم : غالباً ما يساهم استيضاح المواقف عن طريق سؤال بسيط بفضّ نزاعات كان من الممكن أن تندلع بين شخصين أو فريقين و بدفع الصورة كي تكون أكثر شفافيّة وواضحة المعالم في نظر الطرفين.
- التخفيف من وضع متأزّم : يساعد السؤال الشخصي من دون أدنى شكّ على التخفيف من وطأة موقف حرج أو مشادّة كلاميّة بين شخصين إذا صيغ السؤال بطريقة غير مؤذية للمشاعر وغير مستفزّة.
- الاقناع : الانتقال إلى المستوى الشخصي فعّال كثيراً في محاولة إقناع أحدهم بأن يقدم على خطوة ما أو يتراجع عن قرارٍ ما لا سيّما لو كان السائل هو في موقع صداقة متينة أو زمالة قديمة أو قربة عائليّة.
طبعاً, ليست كلّ الاسئلة الشخصية متاحة فمنها حسّاس ودقيق ولا يجوز طرحه لأي كان.
كيف نطرح اسئلة شخصية بطريقة لائقة ؟
أيّاً كان السؤال الشخصي الذي نودّ طرحه, علينا أن نعي أين ومتى وكيف نطرحه حتّى لا يسبّب الاحراج لنا وللمتلقّي :
- بالطبع, لا يجوز أن نسأل سؤالاً شخصيّاً بوجود عدد كبير من الناس وقدرتهم على الاستماع للحديث الشخصي الذي يدور بيننا وبين الطرف الآخر. لذا, على الراغب بطرح سؤال شخصي أن يتأكّد كخطوة أولى أنّ المحيط ملائم بشكل لا يدعو إلى الحرج أو الغرابة.
- بعد تفحّص الوضع العام, يجري طرح السؤال على مرحلتين :
- طلب الاذن : بطريقة مهذّبة, يمكن القول
"المعذرة ، هل لي أن أطرح سؤالاً شخصياً؟" أو
"آمل ألا تمانع في أن أطلب شيئًا شخصيًا إلى حد ما."
عندها, سيكون الجواب عادة بالموافقة. عندئذ, يحين وقت رمي "القنبلة" !
- طرح السؤال : أثناء طرح السؤال, ينبغي أن نتوخى الحذر لجهة كيفية صياغته وطريقة طرحه بالتوازي مع الاشارات غير اللفظيّة كحركات الجسد غير الاراديّة, لمعرفة ما إذا كان الشخص الذي نسأله يشعر بالراحة في الردّ على سؤالنا. شيئاً فشيئاً ومع الانتباه للتفاصيل, يتوصّل الشخص إلى التنبّه إلى حركات جسده المنافية للآداب أو للاحترام.
- إذا لاحظنا أنّ السؤال لم يكن مريحاً, يمكن أن نعتذر بكلّ بساطة مثلاً "لا تهتمّ للأمر. ليس مهمّاً". إذا لم نكن متأكّدين من الوضع, من المستحسن أن نبقى لائقين على تجاوز الحدود كقولنا مثلاً "لا أريد أن أكون مزعجاً. أفضّل ألّا أسأل إذا كان الأمر يسبّب لك انزعاجاً".
تقنية طرح اسئلة شخصية
يقال في علم الحاسوب : "كل معلومة داخلة خاطئة ستأتي حتماً بنتيجة خاطئة بدورها". والقاعدة عينها تنطبق على مسألة التواصل البشري : بما معناه, كلّ سؤال يُطرح بخارج إطاره الصحيح, ينتج عنه إجابة غير مرضية أو غير متوقّعة أحياناً.
إذاً, كلّما كان سؤالنا أصحّ, أصبح التواصل الفكري أكثر فعّاليّة وتمّ تبادل المعلومة بنجاح.
لهذا السبب, إليك العناصر الاربعة الأساسية لكيفية طرح اسئلة شخصية :
- المكان : يمكن تلقّي السؤال الشخصي إذا كان في غيره مكانه المناسب على أنّه غير لائق. يتعلّق الأمر إجمالاً بتواجد عدد كبير من الناس أو الضجّة في المحيط. لذا, يفضّل البحث عن موقع خاص لا يسمح لأحد بالمقاطعة أو استراق الحديث.
- الجو العام : إذا كنّا متواجدين في حفلة أو سهرة يتواجد فيها العديد من الأشخاص, تبرز صعوبة في الحصول على فرصة ملائمة للتحدّث بهدوء ورويّة مع الطرف الآخر.
كما يجب أن نحرص على تفقّد ما إذا كان الآخر منشغلاً بعمل ما أو يتحدّث مع أحدهم او في اتصال, فهذا لا يشكّل جوّاً مناسباً لطرح سؤال شخصي.
- طبيعة العلاقة : قرب الشخصين من بعضهما على المستوى الشخصي يسهّل كثيراً عمليّة طرح السؤال, بل ويساعد على تذليل العقبات المعتادة في حال كان الشخص غريباً عنّا. بالمقابل, لا يجوز أن نتقدّم لطرح سؤال شخصي لفرد غير مؤلوف لنا كما كنّا لنفعل لو كان شخصاً نعرفه وندرك طباعه وما يزعجه وما يروقه.
معظم الناس يحبّذون إجمالاً أن يبقوا حياتهم الشخصيّة على مسافة آمنة من الخصوصيّة. وهذا حقّ مكتسب طبعاً.
- طبيعة السؤال بحدّ ذاته : بدون أن ندري بالضرورة, من الممكن أن يشكّل السؤال الشخصي بعينه تعدّياً على حرّيّة وخصوصيّة الآخر. فلا داعي للمفاجأة في حال تفاعل أحدهم مع سؤالنا بطريقة غير متوقّعة كالانفعال أو عدم الاكتراث... يجب ألّا نغفل أننا نسأل ما هو شخصي أي يمكن أن يكون موضوعاً حسّاساً, لا يحب الآخر التطرّق إليه بكلّ بساطة.
هل يمكنني طرح أي سؤال كان بلياقة ؟
في الواقع, اللياقة تمهّد لنا الطريق لطرح السؤال لكنّها لا تكفي لفتح كلّ الأبواب أمامنا. من المهمّ أن ندرك أنّه ثمّة بعض المواضيع التي لا تحتمل الأسئلة وإن جاءت بطريقة اكثر من لائقة.
تعتبر بعض الأسئلة خارج نطاق الطرح لو مهما كانت هويّتنا أو العلاقة التي تربطنا بالآخر وبغضّ النظر عن كلّ المعايير التي سبق وذكرناها آنفاً. لأنها بشكل من الأشكال قد تخدش احترامنا لتقاليد وعادات ومعتقدات وثقافة الآخر.
معظم هذه المواضيع الحسّاسة غالباً ما تتعلّق بالسياسة, الدين والمسائل القضائية.
عند الشكّ بأنّ السؤال سيجلب المتاعب, من الأفضل العودة عنه والمضي قدماً.
ماذا أفعل إذا قوبلت بالامتناع عن الاجابة ؟
القاعدة الأولى في أي محاولة للتواصل مع الآخر هي الامتناع عن الحكم المسبق. فكيف الحال إذا كان التواصل يتمّ حول موضوع شخصي؟ لا بأس في ألّا نتلقّى الجواب الذي أردناه ولا بأس أيضاً في أن يمتنع الآخر عن الاجابة عن سؤال يعتبره شخصيّاً وحميمياً ولا يريد بأي شكل من الأشكال مشاركنا إياه. فهذا حقّه ومن واجبنا احترام هذا الحق.
عادة ما يفضّل أن نعتذر عن السؤال, لكن إذا وجدنا أنّ الطرف الىخر غير مبالٍ أصلاً لا داعي لذلك.
لا طائل أبداً من الاصرار عمداً ودفع الموضوع لمحاولة الحصول على إجابة رغماً عن رغبة المتلقّي. يجب ترك الامور على حالها وتغيير الحديث.
اسئلة شخصية لا يجب أن نسألها ابداً
المعتقد الديني
- هل أنت مؤمن ؟
- ما هي ديانتك ؟
أقبح ما في العلاقات الانسانية أنها أحياناً تأخذ منحى تصنيفي تمييزي, فيسعنا أن نقرّر ما إذا كان الشخص الواقف أمامنا يرتقي إلى مستوانا أم لا. إذ, نبحث في أسئلتنا عمّا يشبهه فينا ليكون من عداد"جماعتنا" أو ما يفرّقه عنّا لننفيه عنّا ونحاول تشويه صورته. وهكذا تفعل الأسئلة الشخصيّة المتعلّقة بالدين إذا طرحت بطريقة استفزازية.
المال
- لم لا يمكنك تحمّل شراء هذا ؟
- لم لا تقطن في منطقة / محيط أفضل ؟
- كم تجني من المال ؟
- كم يكلّف بيتك/ سيارتك/ دراسة ابنك ؟
عندما يتعلّق الأمر بالمال, لا ينبغي أن ينتابنا التردّد في رفض السؤال إذا طرح علينا لا بل أن نتجنّب سؤاله حتّى لو لم يكن لدينا مانع من مشاركته مع الآخرين. فهذا لا يعطينا الحقّ في التطفّل, إلّا إذا كنّا في خضم مقابلة عمل. فالسؤال في هذه الحالة قابل للطرح.
الحياة العاطفية
- متى ستتزوج؟
- لم ما زلت عازباً ؟
- بكم علاقة عاطفية انخرطت ؟
من أكثر المعتقدات انتشاراً لاسيّما في مجتمعاتنا العربية المحافظة وإنما التي قد تكون مزعجة للبعض, هو دوام السؤال عن الحياة العاطفيّة لأي كان. فالزواج والطلاق والتعرّف على صديق سنّة الحياة. لا ندري أحياناً كم تؤثر أسئلتنا التي تتجاوز الحدود على الحالة الصحّيّة لمن يمرّون بفترة عصيبة على الصعيد العاطفي.
قد يكون من بينهم من يتحضّر للزواج ولا يريد أن يعلن, و من يتحضّر للطلاق ويرى السؤال هجوميّاً ومؤلماً. وهناك أيضاً المتطلّقة التي لا ترتاح من الأسئلة المزعجة والمحرجة , عدا نظرة الحكم المسبق التي تُرمق بها وتضييق الخناق عليها في خروجها ودخولها إلى المنزل ومن يرافقها... ولا ننسى الشخص الأعزب سواء أكان شاباً أو صبيّة, فصفات الرجل الاربعيني عندما يحب قد لا تعجب جميع النساء ولا العكس عند الرجال. بالتالي, الذي بلغ الأربعين ولم يوفّق بلقاء توام روحه أو الذي لا يهمّه الزواج أصلاً يستغني عن الاسئلة المتكرّرة بهدف حثّه على الزواج . ناهيك عن الألقاب النموذجيّة القبيحة المتعنّتة التي لا ننفكّ ننعت بها الفتاة العزباء أمثال "عانس", فقد حان وقت أن يلزم كلٌّ حدّه ويعرف أين تنتهي حرّيّة لسانه المتفلّت.
الانجاب
- متى ستنجب الأطفال ؟
- هل أنت حامل ؟
متى ستنتهي ظاهرة السؤال العلني عن الحمل وزيادة الضغط على الثنائي وخاصة المرأة لناحية الإسراع في الإنجاب؟ من يدري كم يجاهد هذا الثنائي للحصول على فرصة حمل واحدة ناجحة؟ من يدري فعلاً بما يمرّان به من إجهاد وتعب نفسيّ وجسديّ وصحّي بعد عدد مضنٍ من المحاولات التي آلت إلى الفشل! لنقصد أن نتفهّم وجع الآخر ونمتنع عن الجعل من مآسيه وهمومه مادّة دسمة للأحاديث والنكات البالية.
الدراسة
- لم تركت المدرسة ؟ لم تخلّيت عن الدراسة الجامعية ؟
فرص الحياة لا تتوزّع بالتساوي على جميع الناس. فمنهم من حالفه الحظ وحظي بفرصة الجلوس على مقاعد الدراسة دون عناء. منهم من اجتهدوا ليحصّلوا تعليمهم وثابروا على العمل لتسديد أقساطهم بأنفسهم دون معونة من أحد. ومنهم من اضطرّوا إلى ترك الدراسة في سنٍّ صغيرة والانتقال إلى سوق العمل لجني المال. وأيّاً كانت الحال, لا يجوز أن نسأل اسئلة شخصية محرجة مرتبطة بالدراسة خاصة للاشخاص الذين نعرف وضعهم الاجتماعي المتردّي.
الشكل الخارجي
- ما هذا على وجهك أو جسمك؟ بمعنى الإشارة بدون تعاطف مع الآخر إلى ندبة أو علامة فارقة في شكله ؟
- لم لا تعمل على التخفيف/ الزيادة من وزنك؟
- ألا تعرف أنّ التدخين /الاكثار من الأكل / فعل كذا مؤذٍ لك ؟
بعض الأسئلة التي تأتي في غير مكانها هي من دون شكّ سؤال الفتاة التي بدا عليها انتفاخ بطنها قليلاً ما إذا هي حامل وأحياناً يحصل ذلك بقصد التنمّر.
اليوم وقد رفع الصوت عالياً في العالم أجمع حول التنمّر المرتبط بالشكل الخارجي, أصبح الجميع أكثر انتقائيّة للأسئلة التي تُعنى بالوزن والسمنة. لكنّها في كل الأحوال تبقى اسئلة شخصيّة قد لا يحبّ صاحبها التطرّق إليها.
إقرئي أيضاً :