سنغافورة تزرع في الهواء!

يوماً بعد يوم، تضيق المساحة الخضراء نتيجة التزايد السكاني وتركّز العيش في المدن، فنجد أننا في عالم من الباطون لا ينتج الأوكسيجين ويساهم سلبياً في عملية تغير المناخ.

 

هذا هو حال سنغافورة التي يسكن 5 ملايين نسمة في مساحة 715 كيلومتراً مربعاً منها وفق إحصاء العام 2012. تقلّصت المساحة الخضراء في سنغافورة بشكل دراماتيكي مع تزايد المباني الشاهقة لاستيعاب عدد السكان المتزايد باطّراد.

 

لم يقتصر الأمر على ضيق المساحة الخضراء، إنما بالطبع أثّر على وضع الزراعة، فوجدت سنغافورة أنها أمام استيراد هائل الحجم للخضار والفاكهة من البلدان المجاورة لها، ما يرهق الدخل العام ويثقل عليه.

 

حدائق معلّقة

 

بدأت الفكرة مع تعاون القطاعين العام والخاص (سلطة الأغذية الزراعية والبيطرية في سنغافورة  AVA وشركة محلية اسمها خضار السماء Sky Greens). تمحورت حول الاستفادة من سطوح المباني للتعويض عن النقص في المساحة الخضراء، ولكن من دون اللجوء إلى تقنية الزراعة في التراب لأنها تكلف من جهة، وتسبب انبعاث ثاني أوكسيد الكربون الذي سيزيد "الطين بلّة".

 

الحل؟

 

اكتشف مهندسون زراعيون حلاً كي لا يتمّ اللجوء إلى نقل التراب إلى السطوح وريّه. "فلنزرع في الهواء"، كان الحلّ الذي لاقى نجاحاً ولا يزال. البداية كانت مع نظام الزراعة بالماء المبرّد الذي أوقع المسؤولون عن المشروع في أزمة الكلفة عينها.

 

فقرروا الزراعة على السطوح في الهواء عبر وضع النباتات بشكل تظهر فيها جذورها كونها غير مغروسة بالماء ويتم تشغيل هواء مبرّد على الجذور لحاجة النباتات إلى مقاومة الحرارة العالية في الطقس، ويعمل الهواء كما رذاذ الماء في منح الجذور التغذية اللازمة في جزيئات تحيط بالجذور فتنمو النباتات بشكل عادي.

 

لمسة جمال

 

هذا الاختراع جعل من قسم كبير من سطوح مباني سنغافورة الشاهقة تتحوّل إلى مزارع للخضار والفاكهة. تدنّت نسبة الاستيراد من البلدان المجاورة، وساهمت في مقاومة تغيّر المناخ حول العالم نتيجة تراجع، ومنحت سنغافورة لمسة خضراء جمالية بالوسع رؤيتها من السماء في رحلة الطيران.

 

إنها الزراعة العمودية، ليس فقط لأنها تستخدم سطوح المباني بدل المساحات الخضراء الأفقية، إنما لأن الطريقة التي تتم فيها زراعة الخضار تتم عمودياً.

scroll load icon