هل مريض الغيبوبة يسمع؟
محتويات
عندما يكون شخص عزيز في مرحلة الغيبوبة, يبدو لنا وكأنه نائم, عيناه مغمضتان ولا يستجيب لأي فعل أو حركة من قبل العالم الخارجي. لكن ماذا عن دماغه؟ هل يعقل أنّ حواسّه تعمل بشكل طبيعي؟ وهل مريض الغيبوبة يسمع ويشعر بمن حوله؟
ماذا يحدث أثناء الغيبوبة ؟
يدخل الإنسان في الغيبوبة لأسباب عدّة لعلّ أهمها إصابات الدماغ الرضحية , السكتة الدماغية و ربما فقدان الأوكسجين نتيجة الاقتراب من الغرق.
تشبه الغيبوبة حالة تشبه الحلم لأن الفرد يكون على قيد الحياة ولكنه ليس واعيًا. تحدث الغيبوبة عندما يكون هناك نشاط دماغي ضئيل أو معدوم بحيث لا يستطيع المريض الاستجابة للمس والصوت والمؤثرات الأخرى. من النادر أيضًا أن يسعل شخص ما في غيبوبة أو يعطس أو يتواصل بأي طريقة. يمكن للبعض أن يتنفس من تلقاء نفسه ، على الرغم من أن العديد ممن هم في غيبوبة يحتاجون إلى آلة لمساعدتهم على التنفس.
هل مريض الغيبوبة يسمع ؟
لا يظهر مريض الغيبوبة أي إشارة إلى أنه على تواصل مع محيطه, إلّا أنّ عائلته وأحبّاءه لا ينفكّون يحاولون توجيه الكلام إليه ومحادثته ولمسه دون نتيجة أو استجابة ملحوظة. على الرغم من جميع علامات الانفصال عن العالم, غير أنّه ثمة احتمال كبير بأن يكون الدماغ مازال قادراً على تحليل الأحداث كعند اقتراب خطوات شخص منه أو سماع أصوات معيّنة.
لرصد ما إذا كان الدماغ يستجيب لأحداث كهذه, يجب قياس حركة الدماغ بواسطة أداة متخصصة تدعى " تخطيط كهربية الدماغ " تهدف إلى قياس النشاط الكهربائي للدماغ عن طريق وضع أقطاب كهربائية على رأس الشخص. ففي كلّ مرة يرى الفرد أو يسمع شيئاً, تشتعل الخلايا العصبية في الدماغ.
عادةً ما يكون المريض مغلق العينين وغير قادر على رؤية شيء, لكنّ أذنيه لاتزالان تتلقّيان الأصوات من المحيط. وعليه, ففي بعض الأحيان, قد يستطيع دماغ المريض استقبال ومعالجة صوت شخص وهو يوجّه الكلام إليه. قد لا يفهم المريض بالضرورة الأصوات حتّى أنه قد لا يتذكّرها عندما يستفيق.
تعتبر هذه التقنية مفيدة وفعّالة في حالة مريض الغيبوبة بحيث يمكن ترصّد نشاط الدماغ ودراسة الوظائف العصبيّة على رأس المريض دون التسبّب له بألم أو انزعاج. والأهم من كلّ ذلك أنها تستطيع تقدير مدى خطورة حالة المريض القابع في الغيبوبة, احتمالية استفاقته وتوقّع حالته الصحّية في مرحلة ما بعد الاستفاقة منها.
ماذا يمكن أن نفعل لمريض الغيبوبة ؟
تجدر الإشارة إلى أنّ تعافي المريض من الغيبوبة يعتمد بشكل أساسي على مدى تلف الدماغ والسبب الذي آل إليه. لكن يمكن لأحبائه وأصدقائه أن يقوموا ببعض الحركات لزيادة فرص المريض بالاستفاقة السريعة.
يمكن لأفعال بسيطة كإعلان اسمك عند دخولك إلى الغرفة, أو الانخراط في محادثة بطريقة عرضيّة معه, ولمس يده من وقت لآخر, أن تساعد على تحفيز حواسّهم.
تجارب سريرية على مرضى في الغيبوبة
أجريت العديد من التجارب السريرية على مرضى في حالة من الغيبوبة, لما لهذا الموضوع من أهمّيّة على صعيد إعطاء الأمل لأهاليهم بأنّ أحباءهم يسمعون ويشعرون باهتمامهم ومحبّتهم.
شملت إحدى التجارب 15 مريضاً في الغيبوبة بدرجات عدّة لما يقارب 70 يوماً متتالياً. واستمع خلالها هؤلاء لتسجيلات صوتية تعود لأحبائهم وأهلهم لمدّة 10 دقائق, 4 مرّات في اليوم , على مدى 6 أسابيع. أمّا النتائج فجاءت على الشكل التالي :
- 8 منهم استجابوا للتسجيلات الصوتية . على الرغم من عدم تحلّي أي من المرضى الثمانية الذين تلقوا العلاج بالوعي الكامل أثناء الدراسة، إلّا أنّهم بدوا أكثر وعيًا ممّا كانوا عليه في بداية الدراسة وفقًا لمقياس الغيبوبة.
- لم يظهر العدد الباقي أي استجابة تذكر.
عندما سماع المرضى لصوت أحد أفراد الأسرة ينادون بأسمائهم ويرددون القصص أثناء خضوعهم لفحص التصوير بالرنين المغناطيسي، أظهرت أدمغتهم نشاطًا عصبيًا متزايدًا. هذا ووجد الباحثون تغيرات في مستوى الأوكسجين في الدم في مناطق الدماغ المرتبطة باستعادة الذاكرة طويلة المدى وفهم اللغة. و"هذا بمعنى آخر يشير إلى أنهم كانوا يستخدمون تلك المناطق في أدمغتهم.
خلال مقابلة صحفية مع إحدى الشبكات الإخبارية المعروفة, صرّح الناجي الوحيد من الغيبوبة بنتيجة هذه التجربة أنه يتذكر سماعه لأصوات زوجته وإخوته وهو في حالة اضطراب في الوعي. وزاد على ذلك أنّه كان من المريح أن يعتقد أنهم كانوا هناك معه في محنته. فقد ساعده ذلك لاستعادة وعيه من خلال منح عقله شيئًا للتواصل معه.
في النهاية, يبقى الأمل هو الفسحة الوحيدة التي تمنحنا الصبر في حالات الغيبوبة, التي أقل ما يقال فيها أنها صعبة طبّيّاً وإنسانيّاً. و اليوم, يكبر الامل باكتشافات ودراسات حديثة تساعد مريض الغيبوبة على العودة إلى أحبّائه متعافياً بأقلّ الأضرار إمكانيّة خصوصاً مع استحداث آلات طبّية قادرة على تحديد مدى قدرة المريض على المحاربة في سبيل البقاء على قيد الحياة.
إقرئي أيضاً :