أعراض عسر الهضم النفسية
يبرز عسر الهضم كواحد من أكثر أمراض المعدة شيوعاً في العالم, خاصّة مع تسارع وتيرة الحياة اليومية وازدياد الحاجة الملحّة إلى تناول المأكولات الجاهزة أو سريعة التحضير. وأعراض عسر الهضم تظهر إجمالاً على شكل إمساك وانتفاخ و آلام في منطقة البطن العليا والصدر وخلافها. لكن ماذا عن أعراض عسر الهضم النفسية ؟ هل هي فعلاً موجودة وتؤثر على قدرة الفرد العقليّة والذهنيّة ؟
العلاقة بين الهضم والصحّة النفسية
تنتظم وظائف الجسم التي تبقي الجسم على قيد الحياة كالتنفّس, نبض القلب, ضغط الدم وحرارة الجسم عن طريق الجهاز العصبي المستقلّ أو الذاتي. وهو عبارة عن شبكة معقّدة من الأعصاب التي تمتدّ من الدماغ إلى كلّ الأعضاء, وينقسم من حيث الوظيفة إلى قسمين هما :
- الجهاز العصبي الودّي : يحفّز الاستجابة إمّا عبر "القتال" أو "الهروب".
- الجهاز العصبي اللّاودّي : يهدّئ الجسم بعد مرور مرحلة الخطر.
ويتفاعل كلاهما مع قسم ثالث عير معروف هو الجهاز العصبي الداخلي الذي ينظّم عمليّة الهضم ويلقّب أحياناً بالدماغ الثاني. وذلك لأنه يتألف من الناقلات والخلايا العصبية ذاتها الموجودة في الدماغ. بعد إدراك أنّ الطعام قد دخل إلى البطن, تقوم الناقلات العصبيّة بإرسال إشارة إلى خلايا العضلات للمباشرة بالتقلّصات التي تسمح بانتقال الطعام وتكسيره وتحويله إلى مغذيات وفضلات. علاوة على ذلك, يستخدم الجهاز العصبي الداخلي الناقلات العصبية كالسيروتونين للتواصل والتفاعل مع الجهاز العصبي المركزي.
أعراض عسر الهضم النفسية
القلق
العلاقة بين البطن والصحّية النفسية ليست مجرّد مزحة. فهي علاقة تفاعليّة ومتبادلة. والدليل هو أنّ الجسم السليم يظهر إنساناً مليئاً بالحياة والتفاؤل والراحة النفسيّة. من هنا, يبدو أنّ أولى أعراض عسر الهضم من دون منازع هو القلق الدائم أو ما يسمّى ب Anxiety.
عمليّاً, عندما يدخل الدماغ في مرحلة الاستجابة عبر القتال أو الهروب, يتباطأ الهضم أو يتوقّف حتّى يتأكد من أنّ الجسم تخطّى مرحلة الخطر.
أمثلة كثيرة تتبادر إلى الذهن عند ربط القلق بعسر الهضم. فإستجابة لأوقات التوتّر الأقلّ شدّة, كثيراً ما يعاني البعض من امساك أثناء التحضير للامتحانات أو خلال خوضها , أو على العكس تقلّصات في البطن قبل مقابلة عمل. بمعنى آخر, يستطيع العامل النفسي كالقلق والتوتّر والضغط النفسي أن يؤثّر على عمل الجهاز الهضمي, وبالتالي يسبّب أوجاعاً وأعراض أخرى في الأمعاء.
الكآبة
قد يبدو للجميع أنّ الكآبة مشكلة نفسيّة بحت. لكنّ ما يغفلون عنه هو أنّ الجسم يعبّر عنها عن طريق تغييرات جسديّة وفسيولوجيّة عديدة. والكآبة, وهي من أعراض عسر الهضم النفسية, قد تنتج عن نقص في السيروتونين المعروف على أنّه "المادة الكيميائية التي تشعرنا بالسعادة" وتحافظ على التوازن بين الصحة النفسية والصحّة الجسديّة. ينتج الجهاز الهضمي حوالي 80% من كمّيّة السيروتونين الإجمالية وهو معدّل عالٍ, بالاضافة إلى العديد من الميكروبات التي تتفاعل مع الدماغ. أي اختلال في توازن هذه الميكروبات قد يؤدّي إلى التهابات مزمنة كالتي يتم ربطها بداء ألزهامير, وتؤثر بشكل سلبي على انتاج الناقلات العصبيّة ممّا يسبّب أحياناً الكآبة. لذلك, تحسين صحة الجهاز الهضمي يؤسس لتعزيز المزاج الجيّد والصحة النفسيّة.
أعراض أخرى
يعاني البعض جرّاء مشاكل الأمعاء كعسر الهضم مثلاً من أعراض نفسية وعقليّة نلخّصها بما يلي :
- انخفاض القدرة على التركيز : يظهر هذا العارض بخاصة لدى الأشخاص الناشطين مهنيّاً بحيث يلاحظون أنّ عليهم القيام بجهد اكبر للبقاء مركّزين في ساعات العمل.
- ضبابيّة الوعي : هو مصطلح يستخدم للدلالة على وجود اختلال في تنظيم الوعي العام وهو حالة أقل حدّة من الهذيان, حيث يعاني الفرد من شيء من الضبابية في ما يتعلّق بالوعي العقلي والنفسي.
- الافتقار إلى الحيويّة : يشعر المريض أنّه غير قادر على القيام بمجهود كبير ويفضّل الاستراحة معظم الأوقات.
- مشكلات في الذاكرة : ثمة الكثير من الأسباب التي تؤدي إلى النسيان, وإحداها يمكن أن يكون حالة صحّيّة مرتبطة بالأمعاء كعسر الهضم والقرحة. فقد يفقد المريض ذاكرته لفترة مؤقّتة بين الحين والأخرى.
- تقلّب المزاج وتحوّله إلى السلبية: كالرغبة في البقاء وحيداً, والتفكير والتحدّث باستمرار عن المواقف التي تدعو إلى التوتّر.
- السلوك العصبي : الغضب غير المبرّر أو البكاء المباغت أو صداع الرأس الدائم قد يكونان أحياناً دليلاً على الانزعاج على مستوى البطن.
- تغيّر في عادات: الطعام كالاكثار أو التقليل منه فجأة . يقوم المريض أحياناً لسوء الحظ بالتفكير أنه ما لم يكثر من الأكل لن يصاب بأعراض عسر الهضم, دون طلب استشارة أخصائي غذائي.
إقرئي أيضاً: