هل الرهاب الاجتماعي مرض نفسي؟

هل الرهاب الاجتماعي مرض نفسي؟

محتويات

لما أنت خجولة؟ لما أنتِ مُحرجة جدًّا؟ انتبهي أن يراكِ الناس!، ماذا يقول الناس عنك إذا قمت بهذا العمل؟، وعبارات أخرى تؤدّي بالفرد إلى عدم التصرّف بكامل حريته ولا تكون له الإرادة المطلقة في هذا التصرف، ولكن يبقى يراقب أعين المجتمع بإستمرار وهكذا ينبت الرهاب الاجتماعي. لكن هل الرهاب الاجتماعي مرض نفسي؟

 

ما هو الرهاب الإجتماعي؟

الرهاب الإجتماعي أو اضطراب القلق الإجتماعي، هو ظرف عقلي مزمن، يؤثّر على مشاعر الشخص وسلوكه، كما يغيّر من طريقة حديثه أو تصرفه في المواقف الاجتماعية.

الرهاب الاجتماعي هو حالة تسيطر على عقل الإنسان بشكل مزمن ومقلق، ويعمل هذا المرض على إحداث حالة من القلق المزمن تؤثر بصفة عامة على صحة وعقل وفكر المريض وذلك بشكل ملحوظ، ويتسبب الرهاب الاجتماعي في حالة من الخجل والخوف تسيطر على كيان المريض حيث تجعله يشعر دائماً وفي كل وقت أنه مراقب من جانب الآخرين وكل من حوله.

أي هو مشكلة نفسية لها تبعات وعوارض تظهر على الفرد ويتوجّب فيها التدخّل العلاجي. هو ببساطة حالة يومية يعيشها الفرد لحظة بلحظة ويشعر فيها بالخوف، القلق والإرتباك المستمر! إذًا هل الرهاب الاجتماعي مرض نفسي؟

 

كيف ينشأ الرهاب الاجتماعي؟

هناك العديد من العوامل التي قد تساهم في الإصابة بالرهاب الاجتماعي:

  • المواد الجينية.
  • السمات الشخصية مِثل الخَجل والخَوف من المواقف الجديدة غير المألوفة.
  • طرق معينة في التفكير مثل توقعات المرء بشكل مُبالَغ فيه من نفسه، أو نظرته السلبية للذات، أو تصورات كارثية حول عواقب السلوك الذاتي.
  • الخوف من تركيز الانتباه عليك في مكان ما أو الخشية من تقديمك إلى محادثة.
  • تركيز المرء على الذات وعلى الأعراض الجسدية الخاصة به مثل احمرار الخدين، مما يؤدي إلى تفاقم الأعراض الجسدية.
  • الخوف من التحدث في الأماكن العامة وحتى بين مجموعة صغيرة من الأصدقاء إضافة إلى الحاجة المستمرة للتفكير فيما ستقولينه.
  • الخوف من الأكل أو الضحك أمام الناس أو حتى البدء في محادثة.
  • اتباع الأبوين لأسلوب تربية تكون فيه العاطفة شبه منعدمة، ويتميّز مُقابِل ذلِك بالإفراط في مُراقبة الأطفال والمبالغة في حِمايتهم.
  • المرور من تجارب سيئة مع أشخاص آخرين مثل التَعَرّض للسخرية أو الإهانة من قِبل الآخرين.
  • المرور من أحداث حياة مُرهِقة نفسياً مثل وفاة أحد الأشخاص من المقربين أو الانفصال عن شريك الحياة.

 

هل الرهاب الاجتماعي مرض نفسي؟

الرهاب الإجتماعي أو اضطراب القلق الإجتماعي، هو ظرف عقلي مزمن، يؤثّر على مشاعر الشخص وسلوكه، كما يغيّر من طريقة حديثه أو تصرفه في المواقف الاجتماعية. لكن هل الرهاب الاجتماعي مرض نفسي؟

التربية أو التنشئة الخاطئة للفرد تشكّل سبباً لخوف الفرد من المجتمع، وقد يتعرض إلى التعنيف اللفظي والجسدي المبالغ فيه سواء داخل الأسرة أو في المجتمع وفي المدرسة مما يزيد الأمر تعقيداً، من أهم العناصر التي يهملها الآباء أثناء عملية التربية هي العمل على زرع الثقة في نفوس أبنائهم والعكس، فنجد بعض الآباء والأمهات يسخرون من أولادهم ويذكّرونهم بقبائحهم بإستمرار، الجسدية منها والمعنوية، خاصة في فترة الطفولة وخلال العشر سنوات الأولى من العمر وخلال سنين المراهقة، فينشأ عن هذا الأمر نوع من الخجل المبالغ فيه خاصة أمام الناس، بمعنى أن يصير الفرد ينظر إلى نفسه نظرة دونية.

نسبة كبيرة من المصابين بالرهاب الاجتماعي عوملوا بقسوة من قبل آبائهم في فترة الطفولة، وأن نسبة تقارب 90% منهم عانوا من إعتداء جسدي بالضرب والتوبيخ في فتره الطفولة، مما زعزع ثقتهم بأنفسهم، وبيّنت تدنياً في مفهوم الذات لديهم في مرحلة المراهقة، تلك الأساليب التربوية الخاطئة التي تقوم على أساس من التسلط الوالدي والقسوة في التربية وعدم زرع الثقة لدى الطفل، السبب الأبرز في الإصابة بالرهاب الاجتماعي لدى المراهقين، وتدني تقدير الذات لديهم في المستقبل.

 

 

 

أسباب الرهاب الاجتماعي

بعد أن تعرّفنا على إجابة سؤال "هل الرهاب الاجتماعي مرض نفسي؟"، نوضح لكِ أنّ حالة الرهاب الاجتماعي المزمن مثل أغلب الاضطرابات النفسية قد تنشأ نتيجة العديد من العوامل البيولوجية والاجتماعية والنفسية، وأبرزها:

يمكن أن يكون الرهاب الاجتماعي أثر مباشر للتعرض لأحد المواقف المحرجة أو المزعجة. وكذلك التعرض الدائم للتوبيخ والانتقاد دون مدح أو سرد لمميزات الشخصية، فالشخص الذي ينتقده الآخرين بشكل متكرر ولا يذكرون له أي ميزة، يمكن أن يصبح شخص فاقداً للثقة بنفسه يهاب التعامل مع الآخرين والانخراط معهم.

ونشير إلى أنّ التعرض للتنمر أو الانتهاك في مرحلة الطفولة، بخلاف الإصابة بإحدى الحالات اللافتة للنظر مثل تشوهات الوجه أو صعوبات النطق، التلعثم أو الارتعاشات الناجمة عن مرض باركنسون وغيرها من العوامل قد تعزز الإحساس بالنقص وبالتبعية قد تزيد جميعها من الإحساس بالوعي الخجول بالذات، وقد توزع بظهور اضطراب القلق الاجتماعي عند بعض الأشخاص.

البيئة المحيطة والأسلوب التربوي أيضاً من أسباب الرهاب الاجتماعي إذ أن إفراط الأبوين في حماية الأطفال وتنشئتهم في أجواء منغلقة يزيد فرص إصابتهم بذلك الاضطراب ويحدث ذلك خاصةً في الأسر المتسلطة والمتحفظة بشكل خاطئ، هذه الأسر التي لا تعطي الفرصة لأطفالها في الحديث أو الإدلاء بآرائهم حتى في الأمور التي تخصّ تطورات حياتهم الشخصية، نتيجة لذلك تنشأ أجيال فاقدة للثقة بالنفس ولا يمكن لها أن تعتمد على ذاتها وأن تقرر حياتها وتتخذ خطوات إيجابية، وعلى ذلك ينشأ مع الطفل في تلك الأسرة شعور بالخوف والقلق من التعامل مع الآخرين ومخالطتهم والخوف أيضًا من تكوين صداقات والتواجد في مجموعات.

النشاط الدماغي أو فرط نشاط اللوزة الدماغية، يزيد من درجة استجابة الأشخاص لمشاعر الخوف وبالتالي فإنه يزيد من إحساس الرهبة في المواقف الاجتماعية المختلفة.

 

المضاعفات

إن تُرك بلا علاج، فإنه يمكن للرهاب الاجتماعي أن يسيطر على حياتك، يمكن أن يتعارض مع العمل، أو المدرسة، أو العلاقات، أو الاستمتاع بالحياة. يمكن لاضطراب القلق الاجتماعي أن يسبب:

  • انخفاض مستوى الثقة بالنفس
  • صعوبة أن تكون متأكدًا
  • أن توجه لنفسك كلامًا سلبيًا
  • فرط التحسس للنقد
  • ضعف المهارات الاجتماعية
  • الانعزال وصعوبة العلاقات الاجتماعية
  • ضعف الإنجازات الأكاديمية والعملية
  • تعاطي المخدرات، أو الإكثار من شُرب الكحول
  • محاولات الانتحار

 

ماذا بإمكان العائلة أو الأصدقاء فعله؟

من الصعب على الآخرين تقييم ما إذا كان الشخص المصاب فقط خجولاً أو أنه يُعاني مِن رُهاب اجتماعي. أما إذا كانت العلامات تشير إلى الإصابة بِرهاب اجتماعي، فإنه ينبغي لأفراد أسرة الشخص المُصاب وأصدقائه تشجيعه على اللجوء إلى طلب المساعدة المهنية.

من المهم أيضاً على الآباء والأمهات دائماً التأكد من صحة أطفالهم النفسية والعقلية فعند الشك بإصابتهم بحالة الرهاب الإجتماعي يتوجب على أولياء الأمور التصرف بسرعة والذهاب إلى الطبيب النفسي المختص وتغيير المعاملة في المنزل وتعديلها، والاستماع إلى ما يقوله الطبيب المعالج لحالة المريض وتنفيذ كافة التعليمات التي يتم توجيهها سواء للمريض أو للأسرة بشكل عام. ومن أهم الأمور التي يجب على أفراد الأسرة اتباعها تجاه مريض الرهاب الإجتماعي هي العمل على تشجيع هذا الفرد ومحاولة بث الثقة به وبذاته مع ضرورة إشعاره بالأمان والحب داخل الأسرة.

 

العلاج الدوائي والسلوكي والنفسي لحالة الرهاب الإجتماعى:

الرهاب الإجتماعي هو في الواقع مرض نفسي يجب كشفه مبكراً ومعالجته لتتخلّص منه واستعادة الثقة بالنفس. طبعاً من الطبيعي أن يشعر الفرد بالتوتر أو الخوف عند صعود المسرح مثلًا، لكن ليس من الطبيعي أن يتحوّل هذا القلق إلى حالة مرضية يعيشها يومياً! من هنا، يجب أن تكوني على يقين بأهمية هذا الموضوع، وكشفه مبكراً في حال كنتِ تعانين من أعراض الرهاب الإجتماعي لتتعالجي على الفور.

الذهاب إلى معالج نفسي يصحّح نظرة المريض الخاطئة وأحكامه على نفسه، وتعليمه كيفية السيطرة على خوفه المزمن من الناس وكيفية التعامل مع المواقف التي تدفع الشخص إلى التوتر. إضافة إلى ذلك، إن تناول أدوية خاصة تأتي ضمن العلاج النفسي.

قد يلجأ الطبيب النفسي إلى العلاج بتناول الأدوية المهدئة للأعصاب والأدوية المضادة للمخاوف أيضا، وهناك أيضا ما يسمى بالعلاج النفسي وذلك يكون عن طريق الاسترخاء ويطلب الطبيب النفسي من المريض أن يحكى له عن ذاته ومجتمعه وأسرته وخبراته السابقة، وذلك في محاولة من الطبيب النفسي التعرف على سبب أو نقطة التحول التي جعلت من هذا الإنسان مريضاً بحالة الرهاب الإجتماعى.

وقد يستخدم الطبيب أيضا العلاج السلوكي، ويكون بمساعدة المريض في مواجهة المواقف الاجتماعية التي تواجهه بشكل إيجابي و يقوم الطبيب بإعطاء المريض الثقة بذاته من خلال تشجيعه و توكيد ذاته.

ويحاول الطبيب المعالج تغيير نظرة المريض إلى المجتمع المحيط به فضلاً عن نظرته لذاته وقدراته. ويقوم الطبيب بتدريب المريض على القيام ببعض المواقف التي تساهم في تخفيف قلقه وتوتره تجاه المجتمع وتساعده في الوقت ذاته على التفاعل مع المجتمع المحيط واقتحامه لإثبات ذاته.

 

اقرئي أيضًا:

الخوف من موت شخص عزيز

وسواس الخوف من المرض والموت

أهم المعلومات عن الخوف من الموت والتفكير فيه

علاج نوبات الهلع والخوف من الموت

scroll load icon