"العمل العاطفي" مرض نفسي يثير اهتمام علماء النفس

هل سمعتِ يوماً بالجهد أو "العمل العاطفي" الذي أكثر ما ينتابكِ خلال العمل؟ في حال لم تعرفي بهذا المصطلح من قبل، نحن هنا لنبحث في هذا المرض النفسي الذي أصبح ركيزة في اهتمامات باحثي علم النفس نظراً لتداعياته الخطيرة.

اللافت أنّ علماء النفس أصبحوا يركزون على هذا المرض النفسي بعد جائحة كورونا، حيث تحوّل الكثير من الموظفين إلى ماكينات تعمل ليلاً نهاراً. طبعاً لا يتعلّق الأمر بالعمل وحده، بل هو أي جهد إضافي يرهق نفسياً، ويتحتم على الناس المعاناة منه في المنزل أو العمل أو في العلاقات. تابعي المقال كي تعرفي المزيد:

ما هو العمل العاطفي؟

العمل العاطفي هو كما قد يبدو لكِ - عملاً إضافياً، حيث يتعلّق الأمر بحمل أثقل من حيث العبء النفسي. وتم تعريف المصطلح لأول مرة في أوائل الثمانينيات، وعلى مر السنين، تم استخدامه غالبًا للإشارة إلى العمل الذهني الإضافي الذي يقوم به الشخص- عادة ما تكون امرأة - في إدارة الأسرة، أو رجل خلال أداء المهام الوظيفية أو الاثنين معاً في ما يتعلّق بالأخيرة.

على سبيل المثال، يعتقد بعض الأشخاص أن هذا المصطلح يتضمن كل الأفكار المسبقة والتخطيطات التي تدخل في الحياة اليومية، بما في ذلك تنسيق الجداول وتذكر أعياد الميلاد ومواعيد الطبيب وتنسيق أنشطة الأطفال والعمل المدرسي.

ومع ذلك، هذا ليس صحيحًا تمامًا. إن العمل العاطفي هو في الواقع عملية أكثر من ذلك، حيث يتعين على الناس تنظيم وإدارة عواطفهم للتفاعل مع الآخرين، سواء كان ذلك في العمل أو في العلاقة العاطفية أو العائلة.

تعرّف عالمة النفس الدكتورة هالي بيرلس، "العمل العاطفي" بأنّه النشاط العقلي المطلوب للحفاظ على العلاقات وضمان حسن سيرها. بينما عندما تم تعريف المصطلح لأول مرة من قبل عالم الاجتماع آرلي هوشيلد، كان كل شيء يتعلق بمكان العمل.

قد يشمل العمل العاطفي الأشخاص الذين يعملون في الصناعات الخدمية الذين يجب أن ينقلوا باستمرار استجابات إيجابية للأشخاص الذين يخدمونهم.

أكثر من يعاني من العمل العاطفي هم موظفون يعملون في متاجر، ووكلاء خدمة العملاء الذين يعملون في مراكز الاتصال، وموظفو المطاعم في الخطوط الأمامية، أي من يتحتم عليهم التعاطي بإيجابية دائماً رغم ضغوط العمل.

بشكل أساسي، يظهر العمل العاطفي يوميًا في حياة الأشخاص الذين يتقاضون رواتبهم للتواصل مباشرة مع العملاء أو العملاء، حيث هم دائماً في وضعية العمل.

إلاّ أنّه يمكن للعمل العاطفي أن يحدث أيضًا في بيئات العمل الأخرى أيضًا. وهو يشمل إخفاء مشاعرك الداخلية ورسم ابتسامة مزيفة، المعروف باسم التمثيل العميق، لمحاولة تغيير مشاعرك السلبية لإظهار المشاعر الإيجابية.

اليوم، يشير المفهوم أيضًا إلى العلاقات الشخصية، ويمكن أن يشمل الأوقات التي يتعين عليكِ فيها تنظيم مشاعرك لإدارة مشاعر الآخرين.

كيف يضر العمل العاطفي بالصحة العقلية؟

العمل العاطفي، مثل العمل البدني، مرهق. إنه يستنزف طاقات الناس لأنهم يتعرضون باستمرار لضغوط من أجل الأداء، إذ أنّ المخاض العاطفي يسبب إصابات نفسية. وتظهر هذه الإصابات في أشكال مختلفة من السلوكيات المسببة للإدمان والتصرف بطرق سلبية في علاقاتنا الرومانسية والعائلية.

قد يؤدي العمل العاطفي المطول ببساطة إلى الإرهاق الشامل وصولاً إلى الانهيار العصبي، وفقًا لمراجعة 2018 في مجلة Yonesi Medical Journal.

كيفية مواجهة عبء العمل العاطفي

للتخلص من عبء العمل العاطفي، يوصي الباحثون بما يلي:

•    تحدثي إلى صديقتك أو شريكك أو رئيسك في العمل حول ما تشعرين به.
•    استخدمي عبارات "أنا"، حتى لا يشعروا كما لو أنك توجهين الشتائم إليهم، بل عبري عما تحتاجين إليه. على سبيل المثال، يمكنك أن تقولي شيئًا مثل: "أشعر أنني أقضي الكثير من الوقت في العمل، وأحتاج إلى مزيد من المساعدة في ذلك"، أو "أشعر بالإرهاق عندما أحتاج دائمًا إلى المساعدة، حبذا لو تخففوا عليّ المهام".
•    ضعي حدودًا في علاقاتك بشكل عام؛ أي لا تقدمي أكثر من طاقاتك في العمل.
•    اشرحي لمديرك كيف يؤثر العمل العاطفي عليك وأخبريه بالتغييرات التي ترغبين في رؤيتها.
• بهذه الطريقة، يمكنك إيصال الفكرة بالتحديات التي تواجهيها، بطريقة مهنية. فالتحدث إلى الآخرين مهم أيضًا لتفريغ الطاقة السلبية التي تلتقطينها من كونك مثقلة بالعمل.
• كما ينصحك الباحثون بالتجوّل بالسيارة بعد العمل، والركض، والتمارين الرياضية.
• إن لم تنفع تلك النصائح، يُنصح بالاستقالة من العمل. فالأعباء المادية لا تترك ضرراً نفسياً كما يفعل العمل العاطفي، بحسب علماء النفس.

إقرئي أيضاً:

الأسباب التي تكمن وراء الشعور بالغضب طوال الوقت