ما هو تأثير قلة النوم على الدماغ؟

ما هو تأثير قلة النوم على الدماغ؟

يُعد تأثير قلة النوم على الدماغ موضوعًا ذا أهمية علمية كبيرة حيثُ يلعب النوم دورًا مهمًا في الحفاظ على صحة الدماغ وعمله بشكل عام. يُمكن أن يكون للحرمان من النوم أو النوم غير الكافي مجموعة واسعة من الآثار الضارة على القدرات المعرفية والعاطفية والصحة البدنية. قلة النوم تزعجك؟ إليك علاجها

 

ما هو تأثير قلة النوم على الدماغ؟

النوم عملية بيولوجية معقّدة تتضمن مراحل ودورات مختلفة كل منها يخدم وظائف محددة. تشمل هذه الوظائف تقوية الذاكرة، استعادة أنسجة المخ وتنظيم النواقل العصبية والهرمونات. عندما نفشل باستمرار في الحصول على قسط كافٍ من النوم تتعطّل هذه العمليات الحاسمة مما يُؤدّي إلى مجموعة من الإعاقات الإدراكية، فما هو تأثير قلة النوم على الدماغ؟ 

أحد أكثر الآثار الملحوظة للحرمان من النوم هو تأثيره على الوظيفة الإدراكية. قلّة النوم تُضعف الانتباه والتركيز والذاكرة العاملة مما يجعل من الصعب التركيز على المهام والحفاظ على الأداء الأمثل. أظهرت الدراسات أن الأفراد المحرومين من النوم يظهرون أوقات رد فعل أقل، ويقظة أقل، وقدرة أقل على إصدار أحكام دقيقة. يُمكن أن تكون هذه العيوب المعرفية مقلقة بشكل خاص في المواقف التي تتطلب مستويات عالية من الاهتمام، مثل القيادة أو تشغيل الآلات الثقيلة، مما يزيد من مخاطر الحوادث والأخطاء.

تتأثّر عمليات الذاكرة والتعلم أيضًا بشكل كبير بالحرمان من النوم. أثناء النوم، يقوم الدماغ بتوحيد الذكريات ونقلها من التخزين قصير المدى إلى التخزين طويل المدى. النوم غير الكافي يُعطّل عملية الدمج هذه مما يضعف كلاً من الحصول على معلومات جديدة واستعادة الذكريات الموجودة. أظهرت الأبحاث أن الأفراد المحرومين من النوم يواجهون صعوبات في الاحتفاظ بالمعلومات، وتكوين ذكريات جديدة، واستدعاء المواد المكتسبة سابقًا. يُمكن أن يكون لهذا تأثير كبير على الأداء الأكاديمي والمهني وكذلك الأداء اليومي.

علاوة على ذلك، وجد أن الحرمان من النوم له آثار سلبية على الوظائف التنفيذية والتي تنطوي على عمليات معرفية عالية المستوى مثل اتخاذ القرار وحل المشكلات والإبداع. هذه الوظائف حيوية للتخطيط الفعال والاستدلال والتكيف مع المواقف الجديدة. قلة النوم تضعف قشرة الفص الجبهي، وهي منطقة من الدماغ مهمة للوظائف التنفيذية مما يؤدّي إلى انخفاض المرونة الإدراكية، وضعف الحكم، وانخفاض القدرة على التفكير النقدي والإبداعي. هذا يُمكن أن يعيق الإنتاجية والأداء المعرفي العام.

بالإضافة إلى التأثيرات المعرفية، يُؤثّر الحرمان من النوم أيضًا على التنظيم العاطفي والصحة العقلية. النوم غير الكافي يزيد من احتمالية مواجهة المشاعر السلبية، مثل التهيج والقلق والاكتئاب. يخل قلة النوم بتوازن النواقل العصبية والهرمونات في الدماغ مما يؤدّي إلى تغيير المعالجة العاطفية والتنظيم. يرتبط الحرمان المزمن من النوم أيضًا بزيادة خطر الإصابة باضطرابات المزاج، بما في ذلك الاكتئاب والاضطراب ثنائي القطب.

يُمكن أن يكون للحرمان من النوم أيضًا آثار عميقة على الصحة البدنية حيث يرتبط الدماغ والجسم بشكل معقد. يرتبط النوم غير الكافي بزيادة خطر الإصابة بحالات صحية مختلفة، بما في ذلك السمنة والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية وضعف وظائف المناعة. قلة النوم تعطّل توازن الهرمونات التي تدخل في تنظيم الشهية مما يؤدّي إلى زيادة الجوع والرغبة الشديدة في تناول الأطعمة غير الصحية. كما أنّه يُؤثّر على استقلاب الجلوكوز وحساسية الأنسولين مما يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2. بالإضافة إلى ذلك، يلعب النوم دورًا مهمًا في دعم جهاز المناعة، كما أن النوم غير الكافي يُمكن أن يضعف وظيفة المناعة مما يجعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة بالعدوى والأمراض.

يُمكن أن يكون لاضطراب أنماط النوم الطبيعية آثار طويلة المدى على الدماغ. تم ربط الحرمان من النوم المزمن بزيادة خطر الإصابة باضطرابات التنكس العصبي، بما في ذلك مرض الزهايمر. أثناء النوم، يقوم الدماغ بإزالة السموم والفضلات التي تتراكم خلال ساعات الاستيقاظ، بما في ذلك لويحات بيتا أميلويد وهي السمة المميزة لمرض الزهايمر. النوم غير الكافي يُعيق عملية التطهير هذه مما يؤدّي إلى تراكم هذه المواد الضارة ويزيد من خطر الإصابة بحالات التنكس العصبي.

علاوة على ذلك، يُمكن أن يُؤدّي الحرمان من النوم إلى تفاقم الحالات العصبية الموجودة مسبقًا. غالبًا ما يُعاني الأفراد المصابون بحالات مثل الصرع ومرض باركنسون من اضطرابات في النوم مما قد يؤدّي إلى تفاقم أعراضهم وتقليل نوعية حياتهم. يؤدّي الحرمان من النوم إلى زيادة تواتر وشدة النوبات لدى الأفراد المصابين بالصرع، فضلاً عن المساهمة في الأعراض الحركية والمعرفية لدى الأفراد المصابين بمرض باركنسون.

من المهم أن نلاحظ أن آثار الحرمان من النوم على الدماغ لا تقتصر على البالغين. الأطفال والمراهقون معرّضون بشكل خاص للآثار الضارة للنوم غير الكافي حيث لا تزال أدمغتهم تتطور. يُمكن أن يكون للحرمان المزمن من النوم أثناء الفترات الحرجة لنمو الدماغ عواقب طويلة الأمد على القدرات المعرفية والأداء الأكاديمي والرفاهية العاطفية. وقد ارتبطت بصعوبات في الانتباه والتعلم والتنظيم السلوكي، فضلاً عن زيادة خطر الإصابة باضطرابات نفسية في وقت لاحق من الحياة.

 

اقرئي أيضًا: 

متى يؤخذ فوار ابيماج؟

أسباب وجود ألم في السرة عند الضغط عليها

scroll load icon