علاج الرهاب الاجتماعي: الحل في يدك أنت!
الرهاب الاجتماعي أو اضطراب القلق الاجتماعي هو مرض نفسي يُمكن أن يصيب الإنسان منذ طفولته ويضعف احتمال الإصابة به بعد سن الخامسة والعشرين. يتجلى هذا المرض بأعراض جسدية كالتعرّق وضيق التنفس وتسارع ضربات القلب وجفاف في الحلق، بالإضافة إلى أعراض نفسية كالخوف غير المبرر والاكتئاب النفسي ونوبات الهلع وغيرها من الأعراض التي تُضعف ثقة المريض بنفسه وتعيق حياته المهنية والاجتماعية والصحية وتشلّها. لذا، يسعى المصابون إلى إيجاد علاج الرهاب الاجتماعي لاستكمال حياة صحية وهادئة.
لا يتوفر سبب معيّن للإصابة بهذا المرض النفسي، فقد يكون وراثيًا أو يأتي نتيجة التربية الخاطئة أو الحماية الزائدة للطفل أو بسبب حادثة معيّنة أو موقف مُحرج تعرّض له الطفل أو المراهق. ولكن، هل الرهاب الاجتماعي مرض نفسي؟
علاج الرهاب الاجتماعي
أما علاج الرهاب الاجتماعي، فلا يوجد حبوب سحرية لمعالجته. ولكن يصف الأخصائيون بعض الأدوية لمعالجة الحالات المماثلة، وذلك للتخفيف من حدة الأعراض، وغالبًا ما تكون هذه الأدوية فعّالة كما أنها لا تسبب الإدمان للمريض.
وإلى جانب العلاج بالأدوية، هناك العلاج النفسي والذي يلعب دورًا مهمًا في عملية الشفاء، بحيث يخضع المريض لجلسات تعزز ثقته بنفسه.
العلاج المعرفي السلوكي
العلاج المعرفي السلوكي (CBT) هو واحد من أكثر العلاجات استخداما وفعالية للرهاب الاجتماعي. العلاج المعرفي السلوكي هو نوع من العلاج بالكلام يركز على تغيير الأفكار والمعتقدات والسلوكيات السلبية التي تسهم في القلق. في العلاج المعرفي السلوكي، يتعلم الأفراد التعرف على الأفكار والمعتقدات السلبية حول المواقف الاجتماعية وتحديها، وتطوير استراتيجيات جديدة للتكيف لإدارة قلقهم. الهدف من العلاج المعرفي السلوكي هو مساعدة الأفراد على أن يصبحوا أكثر راحة وثقة في المواقف الاجتماعية.
العلاج بالتعرّض
علاج التعرض هو نوع آخر من العلاج المعرفي السلوكي الفعال بشكل خاص للرهاب الاجتماعي. يتضمن علاج التعرض تعريض الأفراد تدريجيًا للمواقف أو المحفزات التي يخشونها في بيئة خاضعة للرقابة وداعمة. الهدف من علاج التعرض هو مساعدة الأفراد على التغلب على مخاوفهم من خلال مواجهتها مباشرة، ومعرفة أن العواقب المخيفة لا تحدث بالفعل.
على سبيل المثال، قد يتعرض الفرد المصاب بالرهاب الاجتماعي تدريجيًا للمواقف الاجتماعية مثل الحفلات أو التحدث أمام الجمهور، مع استخدام تقنيات الاسترخاء والتأقلم لإدارة قلقه.
الأدوية المضادة للاكتئاب
بالإضافة إلى العلاج المعرفي السلوكي، يمكن أن يكون الدواء مفيدا أيضًا في إدارة الرهاب الاجتماعي. مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) ومثبطات امتصاص السيروتونين-نورإبينفرين (SNRIs) هي أنواع من الأدوية المضادة للاكتئاب التي يمكن أن تكون فعالة في الحد من القلق. البنزوديازيبينات هي نوع آخر من الأدوية التي يمكن استخدامها لإدارة القلق، ولكنها تستخدم بشكل عام فقط على المدى القصير بسبب قدرتها على أعراض الاعتماد والانسحاب.
ممارسة تقنيات الاسترخاء
يمكن أن تكون تقنيات الاسترخاء، مثل التنفس العميق واسترخاء العضلات التدريجي والتأمل الذهني، مفيدة أيضا في إدارة الرهاب الاجتماعي. تساعد هذه التقنيات على تقليل الأعراض الجسدية للقلق، مثل ضربات القلب السريعة وتوتر العضلات، ويمكن ممارستها على أساس يومي لمساعدة الأفراد على الشعور بمزيد من الاسترخاء والهدوء.
المساعدة الذاتية
بالإضافة إلى هذه العلاجات الرسمية، هناك العديد من استراتيجيات المساعدة الذاتية التي يمكن للأفراد المصابين بالرهاب الاجتماعي استخدامها لإدارة أعراضهم. قد تشمل هذه:
- ممارسة المهارات الاجتماعية: قد يستفيد الأفراد المصابون بالرهاب الاجتماعي من ممارسة المهارات الاجتماعية مثل إجراء حديث صغير والحفاظ على الاتصال بالعين وطرح الأسئلة للحفاظ على استمرار المحادثة. من خلال تحسين مهاراتهم الاجتماعية، قد يشعر الأفراد بثقة أكبر وأقل قلقا في المواقف الاجتماعية.
- الانخراط في النشاط البدني: يمكن أن تساعد التمارين الرياضية المنتظمة في تقليل أعراض القلق وتحسين المزاج العام. يمكن أن توفر التمارين الرياضية أيضا فرصة للأفراد للاختلاط الاجتماعي في بيئة منخفضة الضغط، مثل فصل اللياقة البدنية أو الرياضة الجماعية.
- بناء شبكة دعم: يمكن أن يكون وجود شبكة داعمة من الأصدقاء أو العائلة أو المعالج مفيدا في إدارة الرهاب الاجتماعي. يمكن لهؤلاء الأفراد تقديم التشجيع والتحقق من الصحة والدعم العملي في مواجهة المواقف الاجتماعية.
- ممارسة الرعاية الذاتية: يمكن أن تساعد العناية بالنفس من خلال عادات صحية مثل الحصول على قسط كاف من النوم وتناول الطعام بشكل جيد وتجنب مواد مثل الكافيين والكحول على تقليل القلق وتحسين الرفاه العام.
أوقفي البحث عن المنقذ الوهمي
نحن نعلم تمامًا أنّ مريض الرهاب الاجتماعي يكون مغلوباً على أمره من الناحية النفسية والجسدية، وأنه يبحث عن منقذٍ ينشله من المصيبة (برأيه) التي وقع فيها. ولكن يجب أن تتقبلي قبل كل شيء أن هذا المنقذ الذي تبحثين عنه هو وهمي ولا وجود له، وأنك بسعيك الشخصي وباتباع إرشادات الأخصائي النفسي (بدون أدوية حتى) قادرة على تخطي هذه المرحلة من حياتك رويدًا رويدًا وكأن شيئًا لم يكن.
قومي ببحث مفصّل حول الرهاب الاجتماعي
هل سمعت قط بمقولة "اعرف عدوّك"؟ تنطبق هذه المقولة على هذه الحالة مئة في المئة. إذا أردت أن تقضي على شيء ما، فعليك أن تكوني على علم بكل تفاصيله وطرقه الملتوية حتى تكوني جاهزة للتعامل مع كل عوارضه. وبالتالي، ننصحك أن تقومي بأبحاث مفصّلة حول المرض وأسبابه وطرق علاجه وعوارضه.
إنّ علاج الرهاب الاجتماعي ليس مستحيلاً أو صعبًا، ولكن يحتاج إلى جهد ذاتي. لا تترددي في طلب المساعدة أو الدعم من العائلة أو الأصدقاء، فالمرض النفسي لا يختلف أبدًا عن المرض الجسدي، لذا لا داعي بتاتًا للخجل به.
اقرئي أيضًا: