تجربة شخصية: أنا إنسانة حزينة تدّعي السعادة!

محتويات

    لا أعلم كيف ومن أين أبدأ… إنها المرّة الأولى التي أتحدّث فيها عن مشاعري بصدق للجميع! لم أكن أفهم لماذا يكتب البعض مذكّراتهم ولكنني اليوم أفهم هذه الحاجة، الحاجة في التعبير عمّا في الداخل، عما في داخل قلبي وعقلي، عما أشعر به. أنا أشتهر بحيويتي والكل يحسدني على شخصيتي المرحة. ومنذ صغري كنت دائماً أفاجئ الجميع بابتسامتي التي لا تفارق وجهي أينما ذهبت. لا أعرف كيف ألقي التحية على أحد من دون أن أبتسم له. لا يمكنني التحدّث مع شخص ما من دون أن أنقل له الذبذبات الإيجابية. نعم أنا أتمتّع بشخصية مرحة للغاية ولا يمكنني أن أكون غير ذلك. ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أنني إنسانة تعيسة! وراء كل هذا الفرح وكل هذه الحيوية، يسيطر عليّ جزء داكن ينغّص علّي فرحتي ويقلق راحتي.

    اقرئي أيضًا:

    تعرفي على علاج الخوف من الناس وكيفية التغلب عليه

     

    حسناً لا يمكنني أن أقول أنني دائمة التعاسة في المجمل فأنا عندما أبتسم أرغب فعلاً بالإبتسام وأبتسم تلقائياً، ولكن القلق الدائم يقتلني! لا أعلم إذا كنت مثلي تعيشين هذا الصراع مع نفسك، ولكنني لا أستطيع أن أفهم لماذا أعيش هذه التقلّبات المزاجية. كنت أظنّ في نفسي أنني ربما أعاني من اضطراب ثنائي القطب وكل ذلك استناداً على ما قرأته على غوغل. ولكن لا، أنا أعلم أنني لا أعاني من هذا الإضطراب. أنا أعاني من القلق الذي لا يفارقني. 

     

    وبينما كنت أقرأ بعض المواضيع على الإنترنت، لفتني موضوع في إحدى المواقع الأجنبية عن الإكتئاب الضاحك Smiling depression وبدأت أقرأ أكثر عن هذه الحالة التي تصيب الكثير من الناس الذين يبدون سعداء بينما يكونون في الحقيقة يتصارعون مع أعراض اكتئاب داخلية. تجدر الإشارة إلى أن الكثير من المشاهير والكوميدين وغيرهم من الأشخاص في العالم يعانون من هذا الإكتئاب، ويمكن وصف الناس الذين يختبرون هذه الحالة على أنهم يضعون قناعاً للعالم الخارجي يظهرون من خلاله أشخاصاً مبتسمين في الوقت الذي يشعرون فيه باليأس والحزن.

     

    شعرت وكأن هذه الحالة تشبهني. نعم فهي تشبهني ولكن بشكل جزئي. فيمكن للأشخاص الذين يعانون من هذا الإكتئاب أن يصلوا إلى مرحلة الإنتحار إذا تفاقمت حالتهم. أعلم أنني لم أصل إلى مرحلة الإكتئاب الشديد والحمد لله ولكن بعض الأشخاص يكونون في خطر إذا لم يطلقوا العنان لأحاسيسهم. مررت مرّتين في حياتي بمراحل متقطّعة من الإكتئاب ولحسن حظّي أنني تخطّيتها. تخطّيتها وحدي من دون أدوية أو متابعة. وكنت وما زالت لا أحب اللجوء إلى الأدوية والجلسات النفسية على الرغم من أنها ضرورية في بعض الحالات وأنا أعلم أنها أمور طبيعية وعلمية وطبّية لا يمكن الإستخفاف بها وإذا كان أي شخص يعاني من مشكلة نفسية تتطلّب زيارة الطبيب وأخذ الأدوية فيجب بالتأكيد الإلتزام بها.  ولكن لا أعلم، أنا شخصياً لا أحبّذها لأنني أعرف أنه ما من شيء يمكنه مساعدتي إلا نفسي. أنا وحدي قادرة على إنهاض نفسي وتقوية ذاتي ويجب أن أذكّر نفسي دائماً أن كل شيء يرتبط بطريقة التفكير.

     

    التفكير ويا للتفكير! إذا كان ثمة شيء يزعجني في هذه الحياة فهي كثرة التفكير. كلّما انتهيت من مشكلة ما، وجدت مشكلة أخرى أقلق عليها. لا أنتهي من هذا القلق، لا أتوقّف عن التحليل ولا أكفّ عن التخيّل ماذا لو وماذا لو؟

     

    أحياناً تكون ثقتي بنفسي عالية وأحياناً تتزعزع. أجد نفسي أحياناً أعتني بصحتي وجمالي وفي أحيان أخرى أهمل نفسي. أنا اليوم لا أمارس الرياضة أبداً، ولا أتناول سوى الأطعمة الدسمة في المطاعم ولم أعد حتّى أنجز عملي بحماس! أشعر بالتعب، حتى حياتي العاطفية تأثّرت لدرجة أنني لم أعد أعرف إذا كنت أريد الإستمرار بالعلاقة. في الفترة الأخيرة أصبحت أضغط على شريكي كثيراً وكل ذلك بسبب التعب النفسي الذي أعيشه ولكنني فعلاً لم أعد أستطيع أن أفهم ما أريده.

     

    تشمل أعراض الإكتئاب الضاحك بعضاً من الأعراض نفسها التي أعيشها، فهي تتمثّل بإفراط الطعام والحساسية تجاه النقد والحاجة إلى النوم والمزاج السيء وغيرها من العلامات وفي الوقت نفسه يقوم الشخص بإجراء محادثات ممتعة مع الآخرين ويبتسم عندما يقوم أحد بإلقاء التحية عليه...

     

    أخاف من الفشل كثيراً وهو أمر يعرقل تطوّري في الحياة خشيةً مني من الوقوع. أكره الروتين ولكنني في الوقت عينه أخاف من التغيير. عجزت ولم أعد أعرف ما الذي يجب أن أفعله، واللافت أنني أصل إلى هذه المرحلة ثم أنشغل وأشعر فجأة بالإرتياح وأنسى هذا الحزن الداخلي لأعود من جديد وأختبر المشاعر نفسها. الفكرة وما فيها أنني لم أعد أستطيع الإستماع إلى شكاوى الناس ومشاكلهم التي لا تنتهي. لقد تعبت من الذبذبات السلبية التي يطلقها الناس أمامي. لطالما كنت شخصاً مستمعاً، فأنا أسمع الجميع وأنصحهم وأفعل المستحيل لمساعدتهم. أنا أقدّر أنهم يأتون إليّ لإفراغ ما في داخلهم فأنا أحب مساعدة الآخرين. ولكن أنا أيضاً إنسانة لها مخاوفها ومشاكلها فالإبتسامة ليست سوى قناع لما أعيشه في داخلي وأنا أحتاج اليوم إلى من يسمعني لهذا أحببت اليوم أن أشاركك تجربتي.

     

    قررت اليوم أن أتحدّث وأفرغ ما في قلبي لأنني لا أريد أن أكون ضحيةً للإكتئاب الضاحك، ونصيحتي لك ألا تدعي مشاعرك السلبية تغرق في قلبك. عبّري عما يزعجك وتحدّثي عن مشاعرك الحقيقية لأي شخص كان فذلك سيساعدك كثيراً مثلما ساعدني الآن…

     

    اقرئي أيضاً:

    كيف اعرف هوايتي من شخصيتي واهتمامتي

    scroll load icon